ما جاء عن فضله في غزوة بني نضير
فلما أقبل الليل رماه رجل من بني النضير بسهم فأصاب القُبّة، فأمر النبي صلّي الله عليه وآله أن تحول قُبته إلي السفح[2] ، وأحاط به المهاجرون والأنصار. فلما اختلط الظَلام فقدوا أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال الناس: يا رسول اللّه، لا نري علياً؟ فقال عليه وآله السلام: «أراه في بعض ما يُصْلح شانکم» فلم يَلْبَث[3] أن جاء برأس اليهودي الذي رَمي النبي صلّي اللّه عليه وآله، وکان يقال له عُزورا[4] ، فطرحه بين يدي النبي عليه وآله السلام. [صفحه 93] فقال له النبي صلّي اللّه عليه وآله: «کيف صنعتَ؟» فقال: «إنّي رأيتُ هذا الخبيث جَريئاً شجاعاً، فکمنتُ له وقلت ما أجرأه أن يخرُج إذا اختلط الظَلام[5] ، يطلُب منّا غِرّةً، فاقبل مُصْلِتاً سيفَه في تسعة نفرمن أصحابه اليهود، فشددتُ عليه فقتلته، وأفلت أصحابهُ، ولم يَبْرَحوا قريبا[6] ، فابعَثْ معي نفراً فإنّي أرجو أن أظفَرَ بهم». فبعث رسولُ اللّه صلّي اللّه عليه وآله معه عشرة فيهم أبودُجانة سِماک بن خَرْشَة، وسَهْل بن حُنَيف، فأدرکوهم قبل أن يَلِجوا[7] الحصنَ، فقتلوهم وجاؤوا برؤوسهم إلي النبي صلّي اللّه عليه وآله فأمر أن تُطْرَح في بعض آبار بني حَطَمة. وکان ذلک سببَ فتح حُصون بني النضير. وفي تلک الليلة قُتِل کَعْبُ بن الأشرف، واصطفَي رسولُ اللّه صلّي اللّه عليه وآله أموالَ بني النضير، فکانت أوّلَ صافيةٍ قَسَمها رسولُ اللّه صلّيّ الله عليه واله بين المهاجرين الأولين. وأمَّرَ علياً عليه السلام فحاز ما لرسول الله منها فجعله صدقةً، فکان في يده أيامَ حياته، ثمّ في يد أميرالمؤمنين عليه السلام بعده، وهو في ولد فاطمة حتّي اليوم. وفيما کان من أميرالمؤمنين عليه السلام في هذه الغَزاة، وقَتْله [صفحه 94] اليهوديَ، ومجيئه إلي النبي صلّي اللّه عليه وآله برؤوس التسعة النفر، يقول حَسّان بن ثابت: للهّ أيّ کَريهةٍ[8] أبليتَها أردي رَئيسهُم وآبَ بتسعة
ولما توجّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله إلي بني النَضير، عَمِل علي حصارهم، فضرب قُبّته في أقصي بني حَطَمَة[1] من البطحاء.
ببني قُرَيظة والنفوس تَطَلَّع
طَوْراً يَشُلُّهم[9] وطوراً يَدْفَع
صفحه 93، 94.