شجاعته الفائقة في مبارزة الابطال وقتلهم











شجاعته الفائقة في مبارزة الابطال وقتلهم



وروي سلام بن مِسکين، عن قَتادة، عن سَعيد بن المُسَيّب قال: لو رأيتَ مَقامَ عليّ يومَ أُحُد، لوجدتَه قائماً علي ميمنةِ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله يذُبّ عنه بالسيف، وقد وَلّي غيره الأدبار[1] .

وروي الحسن بن محبوب قال: حدَّثنا جميلُ بن صالح، عن أبي عُبَيْدة، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: «کان أصحابُ اللواء يومَ أحد تسعةً، قَتَلَهم عليّ عن آخرهم، وانهزم القومُ، وطارت مخزوم منذ فَضَحها عليّ بن أبي طالب يومئذ. قال: وبارز علي الحَکَم بن الأخْنَس، فضربه فقطع رجله من نصف الفخذ فهلک منها»[2] .

ولمّا جال المسلمون تلک الجَوْلة، أقبل أُمَيّة بن أبي حُذَيفة بن المُغَيرة - وهو دارعٌ - وهو يقول: يومٌ بيوم بدر، فعَرَض له رجلٌ من المسلمين فقتله اُميّة، وصَمَدَ له عليّ بن أبي طالب فضربه بالسيف علي هامته فنَشِب في بَيْضةِ مِغْفَره، وضربه اُميّة بسيفه فاتّقاها أميرُ المؤمنين بَدَرقته فنَشِب فيها، ونَزَع علي عليه السلام سيفَه من مِغْفره، وخَلَّص اُميةُ سيفَه من دَرَقته أيضاً ثمّ تناوشا، فقال علي عليه السلام: «فنظرتُ إلي فَتْقٍ تحت إبْطه، فضربتُه بالسيف فيه فقتلته، وانصرفت عنه»[3] .

[صفحه 89]

ولما انهزم الناسُ عن النبي صلّي الله عليه وآله في يوم اُحد، وثبت أميرُ المؤمنين عليه السلام فقال له: «ما لک لا تَذْهَب مع القوم؟ فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: أذهَبُ وأدَعَک يا رسول الله،واللهّ لا بَرِحت حتّي أُقْتَل، أو يُنْجِزَ الله لک ما وعدک من النصر. فقال له النبي صلّي اللّه عليه وآله «أبْشِر يا عليّ فإنّ الله منجزٌ وعدَه، ولن ينالوا منّا مثلَها أبداً».

ثمّ نظرإلي کَتيبة قد أقبلتْ إليه فقال له: «لوحَمَلتَ علي هذه يا عليّ» فحمل أميرُ المؤمنين عليه السلام، فقَتَل منها هِشامَ بن أُمَيّة المخزومي، وانهزم القوم.

ثم أقبلت کَتيبة اُخري، فقال له النبي صلّي الله عليه وآله:«احْمِل علي هذه» فحمل عليها فقتل منها عمروبن عبدالله الجُمَحِيّ، وانهزمت أيضاً.

ثمّ أقبلت کَتيبة أُخري، فقال له النبي صلّي الله عليه وآله: «احْمِل علي هذه» فحمل عليها فقتل منها بِشْرَ بن مالک العامري، وانهزمت الکَتيبة، فلم يَعُد بعدها أحدٌ منهم.

وتراجع المنهزمون من المسلمين إلي النبي صلّي الله عليه وآله وانصرف المشرکون إلي مکّة، وانصرف النبي صلّي الله عليه وآله إلي المدينة، فاستقبلته فاطمة عليها السلام ومعها إناء فيه ماء فغسل به وجهَه، ولَحِقه أميرُالمؤمنين عليه السلام وقد ُ خَضب الدمُ يدَه إلي کِتفه، ومعه ذو الفقار فناوله فاطمة عليها السلام وقال لها: «خذي هذا السيف فقد صَدَقني اليوم».

وأنشا يقول:

[صفحه 90]

«أفاطِم هاکِ السيفَ غيرَذَميمٍ
فلستً برِعديد ولابمُليم[4] .


لَعَمري لقد أعْذَرْتُ في نصرأحمدٍ
وطاعة ربٍّ بالعباد عليم[5] .


أميطي دِماءَ القوم عنه فإنّه
سقي آلَ عبد الدارکاسَ حميم»


وقال رسول الله صلّي الله عليه واله: «خُذيه يا فاطمة، فقد أدّي بعلُک ما عليه، وقد قتل اللّه بسيفه صَناديدَ قريش»[6] .


صفحه 89، 90.








  1. نقله العلامة المجلسي في البحار 20: 87.
  2. نقله العلامة المجلسي في البحار 20: 87، وذکر ذيله الواقدي في مغازيه 1: 283.
  3. نقله العلامة المجلسي في البحار 20: 87.
  4. الرعديد: الجبان. «الصحاح - رعد - 2:475».وفي هامش «م» و «ح»: بلئيم.
  5. في هامش «ش»: رحيم.
  6. نقله العلامة المجلسي في البحار 0 2: 87 0 انظرقطعاً منه في تاريخ الطبري 2: 514 و 533، مناقب ابن شهر اشوب 3: 124، اعلام الوري: 194.