وقعة خيبر و ما بان فيها من شجاعته و قوته











وقعة خيبر و ما بان فيها من شجاعته و قوته



ومثلُ ذلک ما کان في يوم خَيْبَرمن انهزام من انهزم، وقد أُهّل لجليل المَقام بحمل الراية، فکان بانهزامه من الفَساد ما لا خفاء به علي الألبّاء، ثمّ أعْطَي صاحبَه الرايةَ بعده، فکان من انهزامه مثلُ الذي سَلَفَ من الأوّل، وخيفَ في[1] ذلک علي الإسلام وشأنَهُ ما کان من الرجلين في الانهزام، فاکبر ذلک رسولُ الله صلّي الله عليه واله وأظْهَرَ

[صفحه 64]

النکيرَله والمساءةَ به، ثمّ قال مُعلناً: «لأعطِينّ الرايةَ غداً رجلاً يُحِبُّه الله ورسولُه، ويحِبّ اللّه ورسولَه، کَرّاراً غيرَ فرّار، لا يرجِع حتي يَفْتَحَ اللّه علي يديه».

فأعطاها أميرَ المؤمنين عليه السلام فکان الفتحُ علي يديه[2] .

ودلَّ فحوي کلامِه عليه السلام علي خروج الفرّارين من الصفة التي أوجبها لأميرالمؤمنين عليه السلام کما خرجا بالفرار من صفة الکَرّ والثبوتِ للقتال، وفي تلافي أميرالمؤمنين عليه السلام بخَيبرَما فَرَطَ من غيره، دليل علي توحُّده من الفضل فيه بما لم يَشْرَکْه فيه مَنْ عداه.

وفي ذلک يقول حَسّانُ بن ثابت الأنصارِيّ:


وکان عليُّ أرْمَدَ العَيْنِ يَبْتَغي
دَواءً فلمّا لَمْ يُحس مُداوِيا


شَفاهُ رسولُ الله منه بتُفلةٍ
فبورک مَرِقياً وبورک راقِيا


وقال سأعْطِي الراية اليومَ صارما
کَمِيّاً[3] مُحِباً للإله مُواليا


يُحِبّ إلهي والإله يُحبُّه
به يَفْتَحُ الله الحُصُونَ الأوابِيا[4] .


فأصْفي بها دونَ البَربّة کلَّها
عَلِيّاً وسمّاهُ الوَزيرَ المُواخِيا

[صفحه 65]


صفحه 64، 65.








  1. في «م»: من.
  2. انظر- علي سبيل المثال لا الحصر: الطبقات الکبري 2: 110، صحيح البخاري 5: 171، صحيح مسلم 3: 1441، مسند أحمد 4: 52، المستدرک علي الصحيحين 3: 38، دلائل النبوة 4: 20 5 ـ 213، تاريخ ابن عساکر - ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام - 1: 174 ـ 247، البداية والنهاية 4:185 - 188، مناقب ابن المغازلي: 176 -189.
  3. الکَمِيّ: الشجاع.«الصحاح - کمي - 6: 2477».
  4. الأوابي: التي تأبي وتمتنع من العدو.