تسلمه الراية من سعد بن عبادة يوم الفتح











تسلمه الراية من سعد بن عبادة يوم الفتح



ومن ذلک أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله أعطَي الرايةَ (في يوم)[1] الفَتْح سَعْدَ بنَ عُبادة، وأمره أن يدْخُلَ بها مکّة أمامه، فاخذها سعد وجعل يقول:


اَليومُ يومُ المَلْحَمَه
اَليومُ تُسْتَحلُّ[2] الحُرمه


فقال بعضُ القوم للنبي صلّي اللّه عليه وآله: أما تَسْمَع ما يقول سعدُ بن عُبادة؟ واللّه إنّا نخاف أن يَکُون له اليوم صولة في قريش. فقال عليه وآله السلام لأميرالمؤمنين عليه السلام:«أدْرِکْ - يا علي - سَعْداً وخُذ الرايةَ منه، فکُنْ أنت الذي تَدْخُلُ بها».

[صفحه 61]

فاستدرک رسولُ الله صلّي الله عليه وآله بأميرالمؤمنين صلوات اللّه عليه ما کاد يَفوت من صواب التدبير، بتهجّم سعد وإقدامه علي أهل مکة، وعَلِمَ أن الأنصارَ لا تَرضي أن يَأخُذَ أحدٌ من الناس من سيدها سعدٍ الراية، ويَعْزلَه عن ذلک اَلمقام، إلاّ مَنْ کان في مثل حال النبيّ صلّي الله عليه وآله من جَلالة القدر، ورفيع المکان، وفَرْضِ الطاعة، ومن لا يَشيِنُ سَعْدَاَّ الأنصراف به عن تلک الولاية.

ولوکان بحَضرة النبيّ صلّي اللّه عليه وآله من يَصْلَحُ لذلک سوي أميرالمؤمنين عليه السلام لعَدَلَ بالأمر إليه، وکان مذکوراً هناک بالصَلاح لمثل ما قام به أميرُ المؤمنين عليه السلام، وإذا کانت الأحکامُ إنّما تجب بالأفعالِ الواقعة، وکان ما فعله النبيُ صلّي اللّه عليه واله بأميرالمؤمنين عليه السلام من التعظيم والإجلال، والتأهيل لمِا أهَّلَه له من إصلاح الأُمور، واستدراکِ ما کان يَفوُت بعمل غيره علي ما ذکرناه، وجب القضاءُ في هذه المنقبة بما يَبينُ بها ممّن سواه، ويَفْضُلُ بشرفها علي کافّة من عداه[3] .


صفحه 61.








  1. في «م» وهامش «ش»: يوم.
  2. في هامش «ش» و«م»: تسبي.
  3. انظر مغازي الواقدي 2: 822، سيرة ابن هشام 4: 49، تاريخ الطبري 3: 56، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 17: 272.