التدبير رسول الله لدخول المكة











التدبير رسول الله لدخول المکة



وهذه المنقبة لاحقة بما سلف من مناقبه عليه السلام وفيها أنّ به عليه السلام تَمَّ لرسول الله صلّي الله عليه وآله التدبيرُ في دخول مَکّة، وکُفِيَ مؤونة القوم وما کان يَکْرَهُهُ من معرفتهم بقَصْده إليهم حتي فجأهم بَغْتةً، ولم يَثِق في استخراج الکتاب من المرأة إلا بأميرالمؤمنين عليه السلام ولا استنصح في ذلک سواه، ولا عَوَّل علي غيره، فکان به عليه السلام کفايتُه المهمّ، وبلوغهُ المرادَ، وانتظامُ تدبيره، وصلاحُ أمر المسلمين، وظهورُ الدين.

ولم يکن في إنفاذ الزُبَير مع أميرالمؤمنين عليه السلام فضل يُعْتدّ به، لأنّه لم يَکْفِ مهمّاً، ولا أغني بمُضيّه شيئاً، وإنمّا أنفذه رسول الله صلّي اللّه عليه واله لأنّه في عِداد بني هاشم من جهة اُمّه صَفِيّة بنتِ عبد المطّلب، فأراد عليه السلام أن يَتَولّي العملَ ـ بما استسرّ به من تدبيره - خاص أهله، وکانت للزبير شَجاعةٌ وفيه إقدام، مع النسب الذي بينه وبين أميرالمؤمنين عليه السلام فعَلِم أنّه يُساعده علي ما بعثه له، إذْ کان تمامُ

[صفحه 60]

لأمر لهما فراجَعَ إليهما بما يَخصُّهما ممّا يَعُمُّ بني هاشم من خيرأو شر. فکان الزبير تابعاً لأميرالمؤمنين عليه السلام ووَقَع منه فيما أنفذه[1] فيه ما لم يُوافِق صوابَ الرأي، فتدارکه أميرُ المؤمنين عليه السلام.

وفيما شرحناه من هذه القصّة بيانُ اختصاص أميرالمؤمنين عليه السلام من المنقبة والفضيلة بما لم يَشْرَکه فيه غيرُه، ولا داناه سواه بفضل يُقارِبُه فضلاً عن أن يُکافِئه، والله المحمود.


صفحه 60.








  1. في «ح» وهامش «ش» و «م»: اُنْفِذَ.