حديث الثعبان و ما روي عن فضل امير المؤمنين فيه











حديث الثعبان و ما روي عن فضل امير المؤمنين فيه



وقد روي حَمَلةُ الأخبارِ أيضاً من حديثِ الثًّعبانِ والأية فيه والأعجوبة مثلَ ما رَوَوْه من حديثِ کلامِ الحِيتانِ ونقصانِ ماءِ الفُراتِ.

ورَووا: أن أميرَالمؤمنينَ عليهِ السّلامُ کانَ ذاتَ يومٍ يَخطُبُ علي مِنْبرِ

[صفحه 349]

الکُوفةِ، إِذْ ظهرَثُعبانٌ من جانب المنبرِ فجعلَ يَرقي حتّي دنا من أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ فارتاعَ النّاَسُ لذلکَ، وهَمُّوا بقصدِه ودفعِه عن أميرِ المؤمنينَ فأومأ إِليهم بالکفِّ عنه، فلمّا صارَ علي المِرقاةِ الّتي عليها أميرُ المؤمنينَ قائمٌ، انحني إِلي الثُّعبانِ وتَطاوَلَ الثُّعبانُ إِليه حتّي الْتَقَمَ أُذنَه، وسکتَ النّاسُ وتحيَّرُوا لذلکَ، فَنَقَّ نقيقاً سَمِعَه کثيرٌ منهم، ثم إِنَّه زالَ عن مکانِه وأميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ يحرِّکُ شفتيهِ والثُّعبانُ کالمُصغ إليه، ثمّ انسابَ فکأنَّ[1] الأرضَ ابتلعتْه، وعادَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ إِلي خُطبتهِ فتمّمَها.

فلما فرغَ منها ونزلَ اجتمعَ إِليه النّاسُ يسألونَه عن حالِ الثُّعبانِ والاعجوبة فيه، فقالَ لهم: «ليسَ ذلکَ کما ظَنَنْتُم، وإنّما هو حاکمٌ من حُکّام الجنَ، التبستْ عليه قضيّة، فصارَ إِليَّ يَستَفْهِمُني عنها فأفهمتُه إِيّاها، ودعا لي بخيرٍ وانصرفَ»[2] .

وربّما استبعدَ جُهّالٌ منَ النّاسِ ظهورَ الجنِّ في صُوَرِ الحيوانِ الّذي ليسَ بناطقٍ، وذلکَ معروفٌ عندَ العربِ قبلَ البعثةِ وبعدَها، وقد

[صفحه 350]

تناصرتْ به أخبارُ أهلِ الإسلامِ، وليسَ ذلکَ بآبعدَ ممّا أجمعَ[3] عليه أهلُ القبلةِ من ظهورِ إِبليسَ لأهلِ دارِ النّدوةِ في صورةِ شيخٍ من أهلِ نَجد، واجتماعِه معَهم في الرّأيِ علي المَکْرِ برسولِ اللّهِ صلي اللهُ عليهِ والهِ، وظهورِه يومَ بدرٍ للمشرکينَ في صورةِ سُرَاقَة بن جْعشُمٍ المُدْلجي، وقوله: (لا غاَلِبَ لکُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وإني جار لکم )[4] قالَ اللهُ عزّ وجل: (فَلَمَّا تَرَاءَتِ الفِئَتَانِ نَکَصَ عَلَي عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّيْ بريء مِنْکُمْ إِنيْ أرَي ما لا تَرَوْنَ إِنِّيْ أخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ العِقَابِ )[5] .

وکلُّ من رَامَ الطّعنَ فيما ذکرْناه من هذهِ الأياتِ، فإِنّما يُعوِّل في ذلکَ علي الملحدةِ وأصنافِ الکفّارِ من مُخالفي الملّةِ، وَيطعنُ فيها بمثلِ ما طعنوا به في آياتِ النّبيِّ صلّي اللهُ عليهِ وآلهِ؟ وکلهم راجعٌ إِلي طُعونِ البَراهِمة والزّنادِقةِ في آياتِ الرُّسلِ عليهم السّلامُ، والحجّة عليهم ثبوتُ النُّبوّةِ وصحّةُ المعجزِلرسُلِ اللهِ صلّي اللهُ عليهم.


صفحه 349، 350.








  1. في «م» وهامش «ش»: وکأن.
  2. ذکر نحوه الصفار في بصائر الدرجات: 117 /7، والمسعودي في اثبات الوصية: 129، وابن شاذان في الفضائل: 71، وانظر احقاق الحق 8: 732 نقله عن ابن حسنويه في در بحر المناقب المخطوط:121، والقوشجي في شرح تجريد العقائد:375، ونقله العلامة المجلسي في البحار 39:178 / 20.
  3. في هامش «ش»: اجتمع.
  4. الأنفا ل 8: 48.
  5. الأنفا ل 8: 48.