اشارته إلي قدوم وفد الكوفة لمبايعته











اشارته إلي قدوم وفد الکوفة لمبايعته



والّذي کانَ من أميرالمؤمنينَ عليهِ السلامُ من هذا الجِنْس، ما لا يُستطاعُ إِنکارُه إلاً معَ الغَباوةِ والجهلِ وألبَهْتِ والعِناد؛ألا تري إِلي ما تظاهرتْ به الأخبار، وانتشرتْ به الآثارُ، ونقلتْه الکافّةُ عنه عليهِ السّلامُ من قوله قبلَ

[صفحه 315]

قتالِه الفِرَقَ الثّلاثَ بعدَ بيعتِه: «أُمرتُ بقتالِ النّاکِثينَ والقاسِطينَ والمارِقينَ»[1] فقاتلَهم عليهِ السّلامُ وکانَ الأمرُ فيما خبر به علي ما قالَ.

وقالَ عليهِ السّلامُ لطلحةَ والزُّبير حين استأذناه في الخروجِ إِلي العُمرةِ: «لا واللّهِ ما تريدانِ العُمرةَ، وإنمّا ترَيدانِ البَصرةَ»[2] فکان الأمرُ کما قالَ.

وقالَ عليهِ السّلامُ لابنِ عبّاسٍ وهويخبرُه عنِ استئذانِهما له في العُمرةِ: «إِنّني أذِنت لهما معَ عِلمي بما قدِ انطويا عليه منَ الغدرِ، واستظهرتُ باللّهِ عليهما، وإنّ اللّهَ تعالي سيردُّ کيدَهما يُظفِرُني بهما»[3] فکانَ الأمرُ کما قالَ.

وقالَ عليه السّلامُ بذي قارٍ وهوجالسٌ لأخذِ البيعةِ: «يأتيکم من قِبَل ُ[4] الکُوفةِ الفُ رجلٍ، لا يَزيدونَ رجلاً ولا يَنقُصون رجلاً، يُبايعوني علي الموتِ» قال ابنُ عبّاسٍ: فجزِعتُ لذلکَ، وخِفْتُ أن يَنقُصَ القومُ عنِ العددِ أو يَزيدوا عليه فيَفسُدَ الأمرُ علينا، ولم أزَلْ مهموماً (دَأبي إِحصاءُ)[5] القومِ، حتّي وردَ أوائلهم، فجعلتُ أُحصيهم فاستوفيتُ عددَهم تسعَمائةِ رجلٍ وتسعةً وتسعينَ رجلاً، ثمّ انقطعَ مجئ القومِ، فقلتُ: إِنّا للّهِ وإنّا إِليهِ راجعونَ، ماذا حملَه علي ما قالَ؟ فبينا أنا مفکّرٌ في ذلکَ إذ رأيتُ شخصاً قد أقبلَ، حتّي دنا فإِذا هو راجلٌ عليهِ قَباءُ

[صفحه 316]

صوفٍ معَه سيفُه وتُرْسُه وإداوتُهُ[6] ، فقَربَ من أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ فقالَ له: امدُدْ يدَکَ أُبايِعْکَ، فقالَ له أميرُ المؤمنين عليهِ السّلامُ: «وعلامَ تبايعُني؟» قالَ: علي السّمعِ والطّاعةِ، والقتالِ بينَ يَدَيْکَ حتي أموتَ أو يَفتحَ اللّهُ عليکَ، فقالَ له: «ما اسمُک؟» قالَ أُويرٌ، قالَ: «أنتَ أُويسٌ القَرَنيُّ؟» قالَ: نعم، قالَ: «الله أکبرُ، أخبرَني حبيبي رسولُ اللّهِ صلّي اللّهُ علَيهِ وآلهِ أنِّي أُدرِکُ رجلاً من أُمّتِه يُقالُ له أُويسٌ القَرَنِيَّ، يکونَ من حزبِ اللهِ ورسوله، يموت علي الشّهادةِ، يدخلُ في شفاعتِه مثلُ ربيعةَ ومُضَرَ». قالَ ابنُ عبّاسٍ فسُرِّيَ عنِّيُ[7] .


صفحه 315، 316.








  1. رواه الصدوق في الخصال: 145.
  2. ذکره المصنف في الجمل: 89.
  3. ذکره المصنف في الجمل: 89.
  4. في «ش»: اهل.
  5. في «م» وهامش «ش»: واني احصي.
  6. الاداوة: اناء يحمل يستفاد من مائه في التطهير. «الصحاح- ادا- 6: 2266».
  7. اخرجه الکشي في اختيار معرفة الرجال 1:56/315، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 593 ( ط / ح ).