من كلامه مع الخوارجِ حينَ رجعَ إِلي الكُوفةِ











من کلامه مع الخوارجِ حينَ رجعَ إِلي الکُوفةِ



بعدَ حمدِ اللّهِ والثناءِ عليهِ: «اللّهمَّ هذا مَقامٌ من فَلَجَ فيه کانَ أَولي بالفلْجِ يومَ القيامةِ، ومن نَطِفَ[1] فيه أو غلّ فهو في الآخرِة أعمي وأَضلُّ سبيلاً. نَشَدْتُکم ِبالله أتعلمونَ أَنّهم حينَ رَفَعوا المَصاحِفَ فقلتم نُجيبهُم إلي کتاب الله، قُلت لکم: إِنّي أعلمُ بالقوم منکم، إِنّهم لَيسوا بأصحاب دِين ولا قُرآنٍ، إِنّي صَحِبْتُهم وعَرَفْتُهيم أطَفالاً ورِجالاً فکانوا شًرَّ أَطفالٍ وشرَ رِجالٍ، امضوا علي حقَکم وصدقِکم. إِنّما رَفَعَ القومُ لکم هذهِ المصَاحِفَ خديعةً ووَهْناً ومَکيدةً، فرَدَدْتم عَليَّ رأيي، وقُلتم: لا، بل نَقبلُ منهم، فقلتُ لکم: اذکُروا قولي لکم ومعصيتَکم إِيّايَ، فلمّا أبَيْتُم إلاّ الکِتابَ، اشترطتُ علي الحَکَمينِ أن يُحييا ما أحياهُ القُرآنُ وأن يُميتا ما أماتَ القُرآنُ، فإِن حَکَما بحکمِ القُرآنِ فليسَ لنا أن نُخالفَ

[صفحه 271]

حُکْمَ من حَکَمَ بما في الکِتابِ، وِانْ أبيا فنحن من حکمِهما بُرَآءُ».

فقالَ له بعضُ الخَوارجِ: فخبِّرْنا أتراهُ عَدْلاً تحکيمَ الرِّجالِ في ا لدِّماءِ؟.

فقالَ عليهِ السّلامُ: «إِنّا لم نحکِّمِ الرِّجالَ، إِنّما حکَّمنا القُرآنَ، وهذا القُرآنُ إِنّما هو خظ مسطورٌ بينَ دَفتين لا يَنطِقُ، وإِنَما يَتکلَّمُ بهِ الرَجالُ».

قالوا له: فخبِّرْنا عَنِ الأجَلِ، لِمَ جَعَلتَه فيما بينَک وبينَهم.

قال: «لِيَتعلَّبَم الجاهلُ، ويتثبَّتَ العالِمُ، ولعلَّ اللّهَ أنْ يُصلِحَ في هذهِ الهًدْنةِ هذهِ الامةَ. ادخلوا مِصْرکم رَحِمَکُمُ اللّه» ودَخَلوا مِنْ عِندِ آخِرِهم[2] .


صفحه 271.








  1. نَطِف: تلطخ بالعيب واتهم بالريبة. «الصحاح- نطف- 4: 1434».
  2. تاريخ الطبري 65:5 باختلاف يسير، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 611 (ط / ح ).