ومن كلامهِ في هذا المعني











ومن کلامهِ في هذا المعني



«إِنَّ هؤلاءِ القومَ لم يکونوا لِيُنِيبوا إِلي الحقِّ، ولا لِيُجِيبوا إِلي کلمةِ السّواءِ حتَّي يًرْمَوْا بالمنَاسِرِ[1] تَتبعُها العَساکِرُ، وحتّي يُرجمَوا[2] بالکَتائبِ تَقفوها الجَلائبُ[3] ، وحتّي يُجَرَّ ببلادِهِمُ الخَمِيسُ يَتلوهُ الخَميسُ، وحتّي

[صفحه 268]

تَدعَقَ آلخيُولُ[4] في نَواحي أرضهم وبأعنانِ مَساربهم ومَسارحِهم، وحتّي تُشَنَّ الغاراتُ في کلِّ فَجّ وتَخفقَ عليهمُ الرّايات، ويَلقاهُم قومٌ صُدْقٌ صُبَّرٌ لا يَزيدهم هَلاکُ منْ هَلَکَ مِن قَتلاهم ومَوتاهُم في سبيلِ اللهِ إِلاّ جدّاً في طاعةِ اللّهِ، وحِرصعاً علي لقاءِ اللّهِ.

واللهِ، لقد کُنّا معَ النّبيِّ صلّي اللّهُ عليهِ والهِ يُقْتَلُ آباؤنا وأبناؤنا وِاخوانُنا وأعمامُنا، ما يَزيدُنا ذلکَ إلاّ إِيماناً وتسليماً، ومُضِيّاً علي مَضِّ الألمِ، وجُرأةً علي جهادِ العدوِّ، واستقلالاً بمُبارزةِ الأقرانِ. ولقد کانَ الرّجلُ منّا والاخرُ من عدوِّتا يَتصاولانِ تَصاوُلَ الفَحلَينِ، ويَتخالَسانِ أَنفسَهما أيُّهما يَسقي صاحبَه کأسَ المنيِّةِ، فمرّةً لنا من عدوِّنا، ومرّةً لعدوِّنا منّا، فلمّا رآنا الله تعالي صُبُراً صُدقاً، أنزلَ بعدوِّنا الکَبْتَ، وأنزلَ علينا النّصر، ولَعمري لو کُنّا نأتي مثلَ ما أتيتم ما قامَ الدِّينُ ولا عَزَّ الإسلامُ، وايمُ اللهِ لَتَحتَلِبُنَّها دماً عَبيطاً، فاحفَظوا ما اقولُ»[5] .


صفحه 268.








  1. المنسر: قطعة من الجيش تمرّ أمام الجيش الکبير. «الصحاح- نسر- 2: 827».
  2. في «م» وهامش «ش»: يزحموا.
  3. الجلائب: الخيل التي تجلب ليقاتل عليها بعد تعب الأولي، أو کتائب أخري تدخل المعرکة بعد الکتائب الاولي.
  4. تدعق الخيل: اي تکثر الغارات. انظر «الصحاح- دعق- 4: 1474».
  5. وقعة صفين: 520، شرح النهج الحديدي 2: 239، وأورد سليم بن قيس في کتابه: 147 باختلاف وفي ألفاظه ، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 506 (ط / ح ).