ومن كلامه عندَ تَطوافِه علي القَتلي اهل الجمل











ومن کلامه عندَ تَطوافِه علي القَتلي اهل الجمل



«هذهِ قُرَيْشٌ، جَدَعْتُ أنْفي وشَفَيْتُ نَفْسي؛لقد تقدمتُ إِليکم أُحذِّرُکم عضَّ السُّيوفِ، وکُنتمُ أَحداثاً لا عِلمَ لکم بما ترَونَ، ولکنَّه الحَيْنُ[1] وسوءُ المَصرَع، فأَعوذُ باللهِ من سُوء المَصرَعِ».

ثمِّ مَرَّ علي مَعْبَدِ بنِ المِقدادِ فقالَ: «رَحِمَ اللهً أَبا هذا، أَمَا إنًه لو کانَ حيّاَ لَکان رأيُهُ أَحَسن من رأْيِ هذا» فقالَ عَمَّارُ بنُ ياسِرٍ: الحمدُ للّهِ الّذي أَوْقَعَهُ وجَعَلَ خَدَّهُ الأسفلَ، إِنّا ِوالله- يا أَميرَ المؤمنينَ- ما نُبالي مَنْ عَنَدَ عَنِ الحقِّ مِنْ وَلَدٍ ووالدٍ. فقالَ أميرالمؤمنينَ عليهِ السّلامُ: «رَحِمَکَ اللّهُ وجَزاکَ عنِ الحقِّ خَيراً».ّ

قالَ: ومَرَّ بعبدِاللهِ بن رَبيْعَة بن دَرَّاجٍ وهو في القتلي فقال: «هذا

[صفحه 255]

البائسُ ما کانَ أخرجَهُ؟ أدينٌ أخرجَهُ أمْ نَصْرٌ لعُثمانَ!؟ واللهِ ما کانَ رأْيُ عُثمانَ فيهِ ولا في أبيهِ بحسَنٍ».

ثم مرّ بمَعْبَدِ بنِ زُهَيرِبنِ أبي أُمَيّة[2] فقالَ: «لوکانتِ الفِتنةُ برأس الثرَيّا لَتَنَاولَها هذا الغُلامُ، واللهِ ما کانَ فيها بذي نَحِيزةٍ[3] ، ولقد أَخبرَني مَنْ أدرکَهُ وِانّه لَيُوَلْوِلُ فَرَقاً مِنَ السَّيفِ».

ثمَّ مَر بمسلِمِ بنِ قَرَظَةَ فقالَ: «البرُّ أخرجَ هذا! واللّهِ لقد کلَّمَني أنْ اُکلَمَ لَه عُثمانَ في شيءٍ کانَ يدَعيهِ قِبَلَهُ بمکَّة، فأَعطاهُ عُثمانُ وقالَ: لَولا أَنتَ ما أعطيتُهُ، إِنَّ هذا- ما عَلِمتُ- بِئْسَ أخو العَشِيرةِ؛ ثمّ جاءَ المَشُوْمُ للِحَيْنِ يَنْصُرُعُثمانَ».

ثم مَرَّ بعبدِالله ِبن حُمَيْدِ بنِ زُهَيْرٍ فقالَ: «هذا أيضاً ممّن أَوضَعَ في قِتالِنا، زَعَمَ يَطلُبُ اللهَ بذلک، ولقد کَتَبَ إِليَّ کُتُباً يُؤذِي فيها عثمان فأعطاهُ شيئاً فرَضِيَ عنه».

ومّر بعبدِاللهِ بنِ حَکِيمِ بنِ حِزامٍ فقال: «هذا خالف أَباه في الخروجِ، وأبوهُ حيثُ لم يَنصُرْنا قد أحسنَ في بيعتهِ لنا، وإنْ کان قد کفَّ وجَلسَ حيثُ شکَّ في القتال، وما ألومً اليوم مَنْ کفَ عنَّا وعن غيرنا ولکنَّ المُلِيْمَ الذي يُقاتِلُنا».

ثمَّ مَرَّ بعبدِاللهِ بنِ المُغِيرةِ بنِ الأخْنَسِ فقالَ: «أَمَّا هذا فقُتِلَ أبوهُ يومَ قُتِلَ عُثمانُ في الدَّارِ، فخَرَجَ مُغْضَباً لمَقْتَلِ أبيهِ، وهو غُلامٌ

[صفحه 256]

حَدَثٌ حُيِّنَ لقتلِه».

ثمَّ مَرَّ بعبدِاللّهِ بنِ أبي عُثمان بنِ الأخْنَسِ بنِ شرِيقٍ فقالَ: «أمَّا هذا فإنّي[4] أنظُرُ إِليهِ وقد أخذَ القومَ السُّيوفُ هارِباً يَعدو مِنَ الصَّفِّ، فنَهْنَهْتُ عنهُ فلم يَسمعْ مَنْ نَهْنهْتُ حتَّي قَتَلَهُ، وکانَ هذا ممّا خَفِيَ علي فِتيان قُريش، أغمار[5] ، لا عِلمَ لهم بالحربِ، خُدِعوا واستُزِلُّوا، فلمّا وَقَفَوا وَقَعُوا فقُتِلوا».

ثمَّ مشي قليلاً فمرَّ بکَعْب بنِ سُوْرٍ فقالَ: «هذا الَّذي خَرَجَ علينا في عُنُقِه المًصحَفُ، يَزعُمُ أنَّه ناصِرُ أمه، يَدعو النّاسَ إلي ما فيهِ وهوَ لا يَعلَمُ ما فيهِ، ثمَّ استفتحَ وخاب کل جبار عنيد. أمَا إِنه دعا اللّه أَن يَقتُلنَي فقَتلَهُ اللّهُ. أجلِسُوا کَعْبَ بنَ سُوْرٍ» فأجِلسَ، فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ: «يا کعبُ، قد وَجدْتُ ما وَعَدَني ربِّي حَقَّاً، فَهلْ وَجدْتَ ما وَعَدَکَ ربُکَ حَقَّاً؟ ثَم قالَ: أَضجِعوا کَعْباً».

ومرَّعلي طَلْحة بنِ عبيد الله فقالَ: «هذا النّاکِثً بَيعتي، والمنشئ الفِتنةَ في الأًمّةِ، والمُجلِبُ علي، الدّاعي إِلي قَتْلي وقَتل عِتْرتي. أَجلِسوا طَلْحةَ» فأُجلِس، فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ «يا طلحة بنَ عُبَيْدِاللّهِ، قد وجدْتُ ما وَعَدَني ربّي حقّاً، فهلْ وجدْتَ ما وَعدَ ريًّکَ حقّاً!؟ ثمّ قالَ: أضجِعوا طلحةَ» وسارَ. فقالَ له بعضُ مَنْ کانَ معَهُ: يا أَميرَ المؤمنينَ، أتُکلِّمُ کَعْباً وطَلْحةَ بعدَ قَتلِهما؟ قالَ: «أمَ واللّهِ ، إنّهما لقد سَمِعا کلامي کما سَمِعَ أهلُ القَلِيبِ[6] کلامَ رسولِ اللّهِ صلّي اللّهُ صلي الله

[صفحه 257]

عليهِ وآلهِ يومَ بَدْرٍ»[7] .


صفحه 255، 256، 257.








  1. الحين: الهلاک. «الصحاح- حين- 5: 2106».
  2. في «ش»:اُمية، وفي «م» وهامش «ش»أبي اُمية ، وهو الصواب، وهو: معبد بن زهير بن أبي اُمية بن عبداللة بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي ابن أخي أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وآله. انظر «أُسد الغابة 4: 319، الإصابة 3: 479 /4327».
  3. النحيزة: ألطبيعة. «االصحاح- نحز- 3: 898»
  4. في «م» وهامش «ش»: فکأني.
  5. الغمر: الذي لم يجرب الأمور. «الصحاح- غمر- 2: 772».
  6. أهل القليب: هم مشرکو قريش الذين قتلوا يوم بدر ورماهم المسلمون في بئرهناک.
  7. أورده المصنف في الجمل: 209- 211، باختلاف يسير، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 437 (ط / ح ).