من كلامه حينَ نهَض من ذي قار متوجِّهاً إِلي البصرةِ











من کلامه حينَ نهَض من ذي قار متوجِّهاً إِلي البصرةِ



بعدَ حمدِ الله والثّناءِ عليهِ والصّلاةِ علي رسول اللهِ صلّي اللهُ عليهِ وآلهِ: «أَمّا بعدُ: فإِنَّ اللهَ فَرَضَ الجِهادَ وعظَّمَهُ، وتجعَلَهُ نصْرةً له، واللهِ ما صَلَحَتْ دُنيا قَطُّ ولا دِينٌ إِلآ به. وِانّ الشيطانَ قد جَمَعَ حِزْبَهُ، واستجلَبَ خَيْلَهُ، وشبَّهَ في ذلک وخَدَعَ، وقد بانَتِ الاُمورُ وتمخَّضَتْ. واللهِ ما أنکروا عَليَّ مُنکَراً، ولا جَعَلوا بيني وبينَهِم نِصْفاً، وِانّهم لَيطلُبون حقّاً تَرکوه، ودماً هم سفکوه، ولَئنْ کُنتُ شرِکتُهم فيهِ إِنَّ لهم لَنصيبَهم منه، ولَئنْ کانوا وَلُوهُ دُوني فما تَبِعتُهُ إِلاّ قِبَلهم ، وِانّ أعظمَ حُجَّتِهم لَعَلي أنفُسِهم، وإنّي لعَلي- بَصيرتي ما لُبِّسَتْ عَلَيَّ، وإنَّها لَلفئَةُ الباغيةُ فيها الحُمّي[1] ُوالحُمّةُ[2] قد طالتْ هُلْبَتُها وأمکًنَتْ دِرَّتها، يرضَعون أمَّاً فطًمَتْ، ويحُيونَ بَيْعةً تُرِکَت، لِيعودَ الضَّلالُ إِلي نِصابهِ.

ما أعتذِرُ ممّا فَعلتُ، ولا أتبرأ ممّا صَنَعت، فخَيْبةً للدّاعي ومَنْ دعا لو قيلَ له: إِلي مَنْ دَعواکَ؟ وإلي مَنْ أجَبْتَ؟ ومَنْ إِمامُکَ؟ وما سًنَّتهُ؟ إِذاً لَزاحَ الباطلُ عن مَقامِه، ولَصَمت لِسانُهُ فَما نَطَقَ. وايمُ اللّهِ، لافرُطَن[3] لهم حَوضاً أنا ما تحته[4] ، لايَصْدُرونَ عنه ولايَلْقَونَ بعدَه ريّاً

[صفحه 252]

أبداً، وانّي لَراضٍ بحُجّةِ اللهِ عليهم وعُذرِه فيهم، إِذ أنا داعيهم فمُعْذِرٌ إِليهم، فإِن تابوا وأقبلوا فالتّوبةُ مَبذولةٌ والحقُّ مَقبولٌ، وليسَ علي اللّه کُفرانٌ، وِانْ أَبَوْا أعطيتُهم حَدَّ السّيفِ، وکفي بهِ شافياً من باطلٍ وناصراً لمؤمنٍ[5] .


صفحه 252.








  1. الحُمي: المرض المعروف.
  2. الحُمَة: سم العقرب، والمراد الشدة والضيق. «الصحاح- حمي- 6: 2320».
  3. أفرط الحوض: ملأه. «الصحاح- فرط-3: 1148».
  4. الماتح: المستقي. «الصحاح- متح- 1: 403».
  5. وردت قطع من الخطبة في الاستيعاب 2: 221، ونهج البلاغة 1: 38/9 و55 / 21 و 2: 26 / 133، ونقلها العلامة المجلسي في البحار 8: 16 4 (ط / ح ).