من كلامه عند لقائه اهل الكوفة بذي قار











من کلامه عند لقائه اهل الکوفة بذي قار



وقد رَوي عبدُ الحَمِيْد بنُ عِمْرانَ العِجْليّ، عن سَلَمة بنِ کُهَيلٍ قالَ: لمّا الْتَقي أهلُ الکُوفةِ وأميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلامُ بذي قارٍ، رَحَّبوا بهِ وقالوا: الحمدُ للهِّ الّذي خَصَّنا بجوارِکَ وأَکرَمَنا بنُصْرَتِکَ. فقامَ أميرُالمؤمنينَ عليهِ السّلامُ فيهم خَطيباً، فحَمِدَ اللهَ وأثني عليهِ ثم قالَ:

«يا أهلَ الکُوفةِ، إِنّکم مِنْ أکْرَم المسلمينَ، وأَقْصَدِهِم تقويماً، وأعْدَلِهم سنَّةً، وأفْضَلِهِم سَهْماً في الإسلام، وأجْوَدِهِم في العَرَبِ

[صفحه 250]

مُرَکّباً[1] ونِصاباً. أَنتم أَشدُّ العَرَب وُدّاً للنّبيّ صلّي الله عليهِ والهِ ولأهلِ بيتهِ. وِانّما جِئکَم ثِقةً- بعدَ اللهَِ- بکم للّذي بَذَلتم من أنفُسِکُم عندَ نقضِ طَلحةَ والزُّبيرِوخلعِهما طاعتي، وإقبالِهما بعائشةَ للفتنةِ، وِاخراجِهما إِيّاها من بيتها حتّي أقدماها البَصرةَ، فاستغوَوْا[2] طَغامَها وغَوْغاءها، مع أنّه قد بَلَغَني أنَّ أهلَ الفضلِ منهم وخِيارَهم في الدّين قدِ اعتزلوا وکَرِهوا ما صَنَعَ طَلْحةُ والزُّبير».

ثمّ سکتَ فقالَ أهلُ الکُوفةِ: نحنُ أنصارُکَ وأعوانُکَ علي عدوِّکَ، ولو دَعوْتَنا إِلي أضعافِهِم مِنَ النّاسِ احتسبْنا في ذلکَ الخيرَ لوَجَوْناه.

فدعا لهم أَميرُالمؤمنينَ عليهِ السَّلامُ وأثني عليهم، ثمّ قالَ: «قد عَلِمتم- مَعاشرَ المسلمينَ- أنّ طلحةَ والزُّبيرَ بايَعاني طائعَيْنِ راغِبَيْنِ، ثمّ استأْذَناني في العُمرةِ فأذِنْتُ لهما، فسارا إِلي البصرةِ فقَتَلا المسلمينَ وفَعَلا المُنْکَرَ. اللّهمّ إِنّهما قَطَعاني وظَلَماني ونَکَثا بَيعتي وألَّبا النّاسَ عَليَّ، فاحْلُلْ ما عَقَدا، ولا تُحْکِمْ ما أبْرَما، وأرِهِما المَساءةَ فيما عَمِلا»[3] .

[صفحه 251]


صفحه 250، 251.








  1. المرکب: الأصل والمنبت.«الصحاح- رکب- 1: 139».
  2. في «ش» وها مش «م»: فاستعد وا.
  3. أورده المصنف في الجمل: 143، باختلاف يسير الي قوله: احتسبنا في ذلک الخير ورجوناه، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 416(ط / ح ).