من كلامه عند نكث طلحةَ والزبير بيعتَه











من کلامه عند نکث طلحةَ والزبير بيعتَه



ما حَفِظَهُ العلماءُ عنهُ؛بعدَ أنْ حَمِدَ الله وأثني عليهِ ثُم قالَ:«أمّا بعدُ: فانَّ اللهَ بعثَ محمّداً صلّي الله عليهِ وآلهِ للنّاسِ کافَةً، وجعلَهُ رحمةً للعالمين، فصَدَعَ بما أُمِرَبهِ، وبَلَّغَ رسالاتِ ربِّهِ، فَلَمَّ بهِ الصَدْع، ورَتَقَ بهِ الفَتْقَ، وآمّن ِبه السُّبلَ، وحَقَنَ بهِ الدّماء، وألفَ بهِ بينَ ذَوي الإحَنِ والعَداوةِ والوَغْرِ[1] في الصّدورِ والضّغائنِ الرّاسخةِ في القلوب، ثمّ قَبَضَهُ الله تعالي إِليه حَميداً، لم يُقصِّرْعنِ الغايةِ التي إليها أَدَاءُ الرّسالةِ، ولا بَلَّغَ شيئاً کانَ في التّقصيرِعنهُ القَصْدُ، وکانَ مِنْ بعلِهِ منَ التّنازُع في الإِمرةِ ما کانَ، فتوليّ أبوبکْرٍ وبعَدهُ عُمَرُ، ثم توليّ عُثْمان، فلمّا کانَ مِنْ أمرهِ ما عَرَفتموهُ أتيتموني فقُلتم: بايعْنا، فقلتُ: لا أَفعلُ، فقُلتم: بلي، فقلت: لا، وقَبضتُ يَدِي فبسَطتموها، ونازعتُکم فجذبتموها، وتَداکَکْتُم عليّ تدارک الإبل الهِيْم[2] علي

[صفحه 245]

حِياضِها يومَ وُرودها، حتّي ظَننتُ أنّکم قاتليَ، وأنّ بعضَکم قاتِلُ بعضٍ، فبَسَطْتُ يَدِي فبايعتموني مُختارِيْنَ، وبايَعَني في أَوّلکم طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ طائعَيْنِ غير مُکْرَهَيْنِ، ثمّ لم يَلبَثا أنِ استأذَناني في العُمْرةِ، واللّهُ يَعلمُ أَنّهما أَرادا الغَدْرَةَ، فجدَّدْت عليهما العهدَ في الطاعةِ وأَنْ لا يبغِيا للأًُمّة الغوائلَ، فعاهَداني ثُم لم يَفِيا لي ونَکَثا بَيعتي ونَقَضا عَهدي، فعَجَباً لهما مِنِ انقيادِهَما لأبي بَکْر وعُمَرَ وخِلافهِما لي، ولستُ بِدونِ أَحدِ الرجلَيْن! ولو شئتُ أَنْ أقولَ لقُلتُ، اللّهمّ احکمْ عليهِما بِما صَنَعا في حقًّي، وصغَّرا من أمري، وظَفِّرني بِهما»[3] .

ثمّ تکلّمَ عليهِ السّلامُ في مَقامٍ آخرَ بما حُفِظ عنه في هذا المعني، فقالَ بعدَ حمدِ الله والثناءِ عليهِ:

«أمّا بعدُ: فإِنّ اللّهَ تعالي لمّا قَبَضَ نبيّه عليهِ السّلامُ قُلنا: نحن أَهلُ بيتِهِ وعصبَتُهُ ووَرَثَتُهُ وأَولياؤهُ وأَحق الخلائقِ بهِ، لا نُنازَعُ حقَّهُ وسُلطانَهُ، فبَينا نحن [علي ذلک][4] إِذْ نَفَرَ المنافقونَ فانتزَعوا سُلطانَ نبيِّنا منّا وولّوهُ غيرَنا، فبَکَتْ- واللهِ- لذلکَ العُيون والقُلوبُ منّا جميعاً معاً، وخَشُنَتْ[5] لهُ الصُّدورُ، وجَزعَت النّفوسُ جَزَعاً أرغمَ.

[صفحه 246]

وايم اللهِ لولا مخافتي الفُرْقةَ بينَ المسلمينَ، وأَنْ يَعودَ أَکثرُهم إلي الکفرِ ويَعْورَ[6] الدّينُ، لَکُنّا قد غيَّرْنا ذلک ما استطعْنا. وفد بايعتموني الانَ وبايَعَني هذانِ الرّجلانِ طَلْحةُ والزُّبيرُ علي الطَوْعِ منهما ومنکم والإيثارِ، ثُمِّ نَهَضا يريدان البصرةَ لِيُفرِّقا جماعَتَکم ويُلقيا بأْسَکم بينَکم، اللّهمَّ فخُذْهما بغِشًّهما لِهذهِ الاُمّةِ وبسوء نَظَرِهما للعامّةِ».

ثمّ قال: «انفروافي هامش «ش» و «م»: أنفِذوا.

- رَحِمَکًمُ اللهُ- في طَلَب هذينِ النّاکِثَيْنِ القاسِطَيْنِ الباغِيَيْنِ قبلَ أَنْ يَفوتَ تَدارُکُ ما جَنَياهُ»[7] .


صفحه 245، 246.








  1. الوغر: الضغن والعداوة. «الصحاح- وغر- 2: 6 84».
  2. الهيم: العطاش. «الصحاح ـ هيم- 5: 2063».
  3. ورد في الاحتجاج: 161، ونحوه في العقد الفريد 4: 162 و5: 67، شرح ابن ابي الحديد 1: 309، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 412 (ط / ح ).
  4. ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من أمالي المفيد.
  5. في «ش» و«م»: خشيت، وما أثبتناه من هامشهما.
  6. في «م» وهامش «ش»: ويَعْوِرّ.
  7. ورد في امالي المفيد: 154 باختلاف يسير، والجمل: 233 مختصراً، وشرح ابن ابي الحديد ا: 307 نحوه، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 415 (ط /ح ).