من كلامه في الدعاءِ إلي نفسِهِ وعترتِهِ











من کلامه في الدعاءِ إلي نفسِهِ وعترتِهِ



قولُهُ: «إِنّ اللّهَ خَصَّ محمّداً بالنّبوّةِ، واصطفاهُ بالرّسالةِ، وأنبأهُ بالوَحْي، فأنالَ[1] في النّاسِ وأنالَ. وعِندَنا- أهل البيت- معاقلُ العلمِ، وأبوابُ الحکمِ، وضياءُ الأمرِ، فَمَنْ يُحبّنا يَنفعهُ إِيمانُهُ ويُتَقبّل عملُهُ، ومن لا يُحبّنا لا يَنفعهُ إِيمانُهُ ولا يُتَقَبَّل عملُهُ، وِانْ دأبَ الليلَ والنّهارَ»[2] .

ومن ذلکَ ما رواهُ عبدُ الرحمن بنُ جُنْدَبٍ عن أبيهِ جُندَبِ بنِ عبدِاللّه قالَ: دخلتُ علي عليِّ بنٍ أبي طالب بالمدينةِ بعدَ بَيعةِ النّاسِ لعُثمانَ، فوجدتُهُ مُطرِقاً- کئيباً- فقلتُ له: ما أًصابَ قومک؟!

قالَ: «صبرٌ جميلٌ».

[صفحه 242]

فقلتُ له: سبحانَ اللّهِ، واللّهِ إِنّکَ لَصبور.

قالَ: «فأَصنعُ ماذا؟!».

فقلتُ: تَقومُ في النّاسِ وتَدعوهُمْ إِلي نفسِکَ، وتُخبرهُم أنّکَ أولي بالنبيِّ صلّي الله عليه وآله بالفضلِ والسابقةِ، وتَسألُهُمُ النَصرَ علي هؤلاءِ المتمالئينَ عليکَ، فإِنْ أَجابَکَ عَشرةٌ من مِائةٍ شَدَدْتَ بالعَشرةِ علي المِائةِ، فإِنْ دانوا لکَ کانَ ذلکَ علي ما أحببْتَ، وإن أبَوْا قاتلتَهُمْ، فإِنْ ظَهَرْتَ عليهِمْ فَهوَ سُلطانُ اللّهِ الذي آتاهُ نبيَّهُ عليهِ السلامُ وکنتَ أولي بهِ منهُمْ، وِان قُتِلْتَ في طلبهِ قُتِلْتَ شَهيداً وکنتَ أولي[3] بالعذر عندَ اللهِ، وأَحقَّ بميراثِ رسوَلِ اللهِ صلّي الله عليه وآله.

فقالَ: «أتراهُ- يا جُنْدَبً- يُبايعنُي عَشرةٌ من مائة؟!».

قلتُ: أَرجو ذلکَ.

قال: «لکنَّني لا أَرجو ولا من کل مائةٍ اثنينِ، وسأُخبرُکَ من أينَ ذلکَ، إِنَّما يَنظرُ الناسُ إلي قُرَيْشٍ، وإنَّ قريشاً تَقولُ: إِنّ الَ محمَّدٍ يَرَوْنَ لَهُمْ فضلاً علي سائرِ النّاسِ، وإِنهم أَولياءُ الأمرِ دونَ قريشٍ، وإنّهم إِنْ وَلُوْهُ بر يَخرجْ منهم هذا السُّلطانُ إلي أحدٍ أبداً، ومتي کانَ في غيرهِمْ تَداولتموهُ بينَکُمْ، ولا- واللهِ- لا تَدفعُ قريشٌ إِلينا هذا السُّلطانَ طائعينَ أبداً».

قالَ: فقلتُ له: أَفَلا أرجِعُ فأُخبرَ الناسَ بمقالتِکَ هذهِ، وأدعوَهُمْ إِليکَ؟.

[صفحه 243]

فقالَ لي: «يا جُنْدَبُ، ليسَ هذا زمان ذاکَ».

قالَ: فرجعْتُ بعدَ ذلکَ إِلي العِراق، فکنتُ کلَما ذکرتُ للنّاسِ شيئاً من فضائل علي بنِ أبي طالبِ عليهِ السلامُ ومناقبِهِ وحُقوقِهِ زَبَرُوْني ونَهَرُوْني، حتّي رفعَ ذلکَ مِنْ قَوْلَي إِلي الوَلِيْدِ بنِ عُقبْةَ لَياليَ وَلِيَنَا، فبعثَ إِليَّ فحبسني حتَّي کُلِّمَ فيَّ فخلَّي سبيلي[4] .


صفحه 242، 243.








  1. أنال: أعطي الخير «لسان العرب- نول- 11: 683».
  2. المحاسن: 199 / 31، بصائر الدرجات: 384/ 9 و 10، ونقله العلامة المجلسي في البحار 27: 182.
  3. في «ش»: أعلي.
  4. أمالي الطوسي 1: 239، شرح ابن ابي الحديد 9: 57 نحوه، ونقله العلامة المجلسي في البحار 8: 148 ( ط / ح ).