من كلامه في التزهيد في الدنيا











من کلامه في التزهيد في الدنيا



«يا ابن آدمَ، لا يَکُنْ أکبرَ همِّک يومُکَ الذي إِنْ فاتَکَ لم يَکُنْ

[صفحه 235]

من أجلِکَ، فإِنَّ کلَّ يومٍ تَحْضُرُهُ يَأْتي اللهُ فيهِ برزقِکَ، واعْلَمْ أنَّکَ لنْ تکتسِبَ شَيئاً فوقَ قُوْتکَ إلاّ کُنتَ فيهِ خازناً لغيرِکَ، يَکْثُرُ في الدُنيا بهِ نَصَبُکَ، ويحظي بهِ وارِثکَ، ويَطولُ مَعَهُ يومَ القِيامَةِ حِسابُکَ، فاسْعَدْ بمالِکَ في حَياتِکَ، وقَدِّمْ لِيَوْمِ مَعَادِکَ زاداً يَکونُ أمامَکَ، فإِنَّ السَّفَرَ بَعيدٌ، والمَوْعِد القيامةُ، والمَوْرد الجَنَّةُ أَوِ النار»[1] .

ومن کلامهِ عليهِ السلامُ في مثلِ ذلکَ، ما

اشتهرَ بينَ العلماءِ، وحَفِظهُ ذَوو الفَهْمِ والحُکماءُ

«أمّا بعد: أيّها الناسُ، فإِنَّ الدُّنيا قد أدبرتْ وآذنتْ بوَداعٍ، وِانَّ الآخرةَ قدْ أظلَّتْ وأشرفتْ باطّلاع، ألا وانّ المِضمارَ اليومَ وغداً السباقُ، والسبْقةُ الجنّةُ، والغايةُ النارُ، أَلا وِانّکمْ في أيامِ مَهَل من ورائِهِ أجَلٌ يحثّهُ عَجَلٌ، فمَنْ أخلصَ للّهِ عملَهُ لم يضره أملُهُ ، ومن بطأ[2] به عملُهُ في أيامِ مَهَلِهِ قبلَ حضورِ أجَلهِ فقد خَسِرَعملُهُ وضرّه أملُهُ.

ألا فاعملوا في الرغبةِ والرهبةِ، فإِن نزلتْ بکمْ رغبةٌ فاشکروا الله واجمعوا معَها رهبةً، وإنْ نزلتْ بکمْ رهبةٌ فاذکروا َ الله واجمعوا معَها

[صفحه 236]

رغبةً، فإِنّ اللهَ قد تاذَّنَ للمُحسنينَ بالحسني، ولمن شکرَهُ بالزيادةِ، ولا کسبَ خير من کَسبْ ليومٍ تُدَّخَرُ فيه الذخائرُ، وتجمعُ فيه الکبائرُ، وتُبلي فيه السرائرُ، وإنًّي لم أرَ مثلَ الجنّةِ نامَ طالبها، ولا مثلَ النارِ نانم هاربُها.

ألا وإنّهُ من لا ينفعُهُ اليقينُ يضرُّهُ الشکُّ، ومن لا ينفعُهُ حاضرُ لُبِّه ورأيهِ فغائبهُ عنه أعجزُ. ألا وإنّکم قد أُمرتُمْ بالظَّعْنِ ودًلِلتمْ علي الزَادِ، وإِنّ أخوفَ ما أتَخوّفُ عليکم اثنان: اتّباع الهوي، وطولُ الأملِ، لأنّ اتّباعَ الهوي يصُدُّ عن الحقِّ، وطول الأملِ ينسي ا لآخرةَ.

ألا وإِنّ الدنيا قد ترحلتْ مُدبِرةً، وإنَّ الآخرةَ قد ترحَّلت[3] مقبلةً، ولکلِّ واحدةٍ منهما بنونَ، فکونوا إِنِ استطعتُمْ مِن ابناءِ الأخرةِ، ولا تکونوا من أبناءِ الدنيا، فإِنّ اليومَ عملٌ ولا حسابَ، وغداً حسابٌ ولاعملَ» [4] .


صفحه 235، 236.








  1. وردت قطع منه في مروج الذهب 4: 175، والخصال: 16، ونزهة الناظر: 52 / 26، ونثر الدر 1:295.
  2. في هامش «ش» و«م»: أبطأ.
  3. في «م» وهامش «ش»: دنت.
  4. ورد بعضه في نثر الدر 1: 223، البيان والتبيين 2: 27، العقد الفريد 4: 159، الکافي 8: 58/ 21، مروج الذهب 2: 424، 3: 413، من لا يحضره الفقيه 1: 327، أمالي المفيد: 93، 207، نهج البلاغة 1: 66 / 27، مصباح المتهجد: 605، أمالي الطوسي 1: 236، تذکرة الخواص: 116.