من كلامه في اهل البدع











من کلامه في اهل البدع



ومن ذلکَ ما رواه إِسماعيلُ بنُ صَبِيْحٍ، عن يَحيي بن المُساوِرِ العابدِ، عن إِسماعيل بن زيادٍ قالَ: إِنّ عليّاً عليهِ السّلامُ قالَ للبَراَءِ بنِ عازبِ يوماً[1] : «يا بَرَاءُ، يُقتَلُ ابني الحسينُ وانتَ حيٌّ لا تنصرُه» فلمّا قُتِلً الحسينُ بنُ عليّ عليهما السّلامُ کانَ البَراءُ بنُ عازب يقولُ: صدقَ- الله- عليُّ بنُ أبي طالبٍ، قُتِلَ الحسينُ ولم أنصُرْه. ثمّ يُظهرُ الحسرة علي ذلکَ والنّدمَ[2] .

[صفحه 232]

جهلاً في جهّالِ عشوة[3] ، غارّ[4] بأَغباش الفتنة، عمٍ عن الهدي، قد سماه، اشباه الناس عالماً ولم يغن فيه يوماً سالماً، بکّر فاستکثر مِنْ جَمْع ما[5] قلّ منه خيرممّا کَتُر، حتي اذا ارتوي من آجنٍ، واستکثرمن غير طائل، جلس للناس قاضياً ضامناً لتخليص ما التبس علي غيره، إن خالف مَن سبقه لم يأمن مِنْ نَقْض حُکْمه مَنْ يأتي بعده، کفِعله بمَنْ کان قبله، وان نَزَلت به إِحدي المُبْهمات هَيّأ لها حَشْواً مِنْ رأيه ثمّ قَطَعَ عليه، فهومن لَبْسِ الشُبُهات في مثل غَزْل العنکبوت، لا يَدرِي أَصابَ أم أخطأ، ولا يَري أنّ مِن وراءِ ما بَلَغَ مَذْهباً، إِنْ قاسَ شيئاً بشيءٍ لم يًکذّب رأيَه، وان أظْلَمَ عليه أَمر اکتَتَم به، لمِا يعلم من نفسه في الجهل والنَقْص والضرورة کيلا يُقال أنّه لا يَعْلم، ثمّ أقْدَم بغير علم، فهو خائضُ عَشَواتٍ، رَکّابُ شُبُهاتٍ، خَبّاط جَهَالاتٍ، لا يعتذرُ ممّا لا يعلم فيسلم، ولا يَعَضُّ في العلم بضِرس قاطعٍ فيغنم، يُذرِي الروايات ذروَ الريحِ الهشيم، تَبکِي منه المواريث، وتَصْرَخُ منه الدماء، ويستحلّ بقضائه الفَرْج الحرام، ويُحَرِّم به الحلال، لا يسْلَم بإِصدار ما عليه وَرَد، ولا يَنْدَم علي ما منه فَرط.

أيّها الناس: عليکم بالطاعة والمعرفة بمن لا تُعْذَرون بجهالته، فإِنّ العلم الذي هَبَط به آدم وجميعَ (ما فضلَتْ به )[6] النبيّون إلي خاتم النبيين، في عترة محمّد[7] صلي الله عليه وآله فأين يُتاهُ بکم؟ بل أين تذهبون؟! يا من

[صفحه 233]

نُسِخَ من أصلاب أصحاب السفينة، هذه[8] مثلها فيکم فارکَبوها، فکما نجا في هاتِيک مَنْ نجا، فکذلک يَنْجُوفي هذه من دخلها، أنا رهينٌ بذلک قسماً حقّاً وما أنا مِن المتکلّفين، والويلُ لمِن تَخلّف ثمّ الويل لمن تخلّف! أما بَلَغکم ما قال فيهم نبيُّکم صلّي الله عليه واله حيثُ يقول في حَجّةِ الوداع:إِنّي تارکٌ فيکم الثقلين، ما إِن تمسّکتُم بهما لن تَضِلّوا: کتابَ اللهِ وعترتي أهلَ بيتي، وِانّهما لن يفتَرِقا حتّي يرِدا عليَّ الحوض فانظُروا کيفَ تَخْلُفوني فيهما. ألاّ هذا عَذْبٌ فُرات فاشرَبوا، وهذا مِلحٌ أُجاج فاجتنبوا»[9] .


صفحه 232، 233.








  1. في «م» وهامش «ش»: ذات يوم.
  2. شرح ابن ابي الحديد 10:15، ونقله العلامة المجلسي في البحار 44: 8/262.
  3. في «م» هامش «ش»: جهّالٍ غشوه.
  4. غار: غا فل. «الصحاح- غرر- 2: 768».
  5. في «ش» و «م»: مما، وما اثبتأه من هامشهما.
  6. في «م» و هامش «م»: فصلت، وفسره في هامش «م»: أي أتت. وما أثبتناه من هامش «ش» و«م».
  7. في «م» وهامش «ش»: عترة نبيکم محمّد.
  8. في هامش «ش»: نسخة الشيخ، هذا. وما في المتن نسخة اخري في هامش «ش».
  9. وردت قطع من هذه الخطبة في تاريخ اليعقوبي 2: 211، ونثر الدر 1: 308، أمالي الطوسي 1: 240، تاريخ دمشق 3: 221، الکافي 1: 6/44، الاحتجاج: 262، نهج البلاغة 1: 6/47 1، ونقله المجلسي في البحار 2: 99 / 59.