النملة











النملة



5383- الإمام عليّ عليه السلام: أ لا ينظرون إلي صغير ما خلق کيف أحکم خلقه، وأتقن ترکيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوّي له العظم والبشر! انظروا إلي النملة في صِغر جُثّتها ولطافة هيئتها، لا تکاد تُنال بلحظ البصر، ولا بمُستدرک الفکر، کيف دبّت علي أرضها، وصبّت علي رزقها، تنقل الحبّة إلي جُحرها، وتُعِدُّها في مُستقرّها. تجمع في حرِّها لبردها، وفي وردها لصدرها، مکفول برزقها مرزوقة بِوفقها، لا يُغفلها المنّان، ولا يحرمها الديّان ولو في الصَّفا اليابس والحجر

[صفحه 187]

الجامس![1] ولو فکّرت في مجاري أکلها في علوها وسفلها، وما في الجوف من شراسيف[2] بطنها، وما في الرأس من عينها واُذنها لقضيتَ من خلقها عجباً، ولقيتَ من وصفها تعباً!

فتعالي الذي أقامها علي قوائمها، وبناها علي دعائمها! لم يشرکه في فطرتها فاطر، ولم يُعِنهُ علي خلقها قادر. ولو ضربتَ في مذاهب فکرک لتبلغ غاياته، ما دلّتک الدلالة إلّا علي أن فاطر النملة هو فاطر النخلة، لدقيق تفصيل کلّ شي ء، وغامض اختلاف کلّ حيّ. وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقويّ والضعيف في خلقه إلّا سواء[3] .



صفحه 187.





  1. الجَمْسُ بالفتح: الجامِدُ (النهاية: 294:1).
  2. الشُّرسُوف واحد الشَّراسيف، وهي أطراف الأضلاع المشرِفة علي البطن، وقيل: هو غُضروف مُعلّق بکلّ بَطن (النهاية: 459:2).
  3. نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 117:481:1، بحارالأنوار: 1:26:3؛ ربيع الأبرار: 481:4 وفيه إلي «قادر».