بدء الخلق والخلق السماوات[1]
5347- الإمام عليّ عليه السلام- من خطبة له يصف فيها خلق العالم-: ثمّ أنشأ- سبحانه- فتق الأجواء وشقّ الأرجاء وسکائک[2] الهواء. فأجري فيها [صفحه 158] ماءً متلاطماً تيّاره، متراکماً زخّاره[3] حمله علي متن الريح العاصفة، والزعزع[4] القاصفة، فأمرها بردّه، وسلّطها علي شدّه، وقرنها إلي حدّه. الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق[5] ثمّ أنشأ سبحانه ريحاً اعتقم مهبَّها وأدام مُربَّها[6] وأعصف مجراها وأبعد منشاها. فأمرها بتصفيق الماء الزخّار، وإثارة موج البحار. فمخضته[7] مخض السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء. تَردّ أولّه إلي آخره، وساجيه[8] إلي مائره[9] حتي عبَّ عبابه، ورمي بالزَّبد رُکامه، فرفعه في هواء مُنفتق، وجوّ منفهق[10] فسوّي منه سبع سماوات جعل سفلاهنّ موجاً مکفوفاً وعلياهنّ سقفاً محفوظاً. وسَمکاً مرفوعاً، بغير عمد يدعمُها، ولا دسار[11] ينظمها. ثمّ زينها بزينة الکواکب، وضياء الثواقب، وأجري فيها سراجاً مُستطيراً، وقمراً منيراً: في فلک دائر، وسقف سائر، ورقيم مائر[12] [13] . 5348- عنه عليه السلام- من خطبة له في صفة السماء-: ونظَم بلا تعليق رهوات[14] [صفحه 159] فُرجها، ولاحم صدوع انفراجها، ووشّج بينها وبين أزواجها، وذلّل للهابطين بأمره والصاعدين بأعمال خلقه حُزونة[15] مِعراجها، وناداها بعد إذ هي دُخان،[16] فالتحمت عُري أشراجها،[17] وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها، وأقام رصداً من الشهُب الثواقب علي نقابها، وأمسکها من أن تمور في خَرق الهواء بأيده،[18] وأمرها أن تقف مستسلمة لأمره، وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها، وقمرها آية ممحُوَّة من ليلها، وأجراهما في مناقل مجراهما. وقدّر سيرهما في مدارج درجهما؛ ليميّز بين الليل والنهار بهما، وليُعلم عددُ السنين والحسابُ بمقاديرهما. ثمّ علّق في جوّها فلکها، وناط بها زينتها من خفيّات دراريِّها ومصابيح کواکبها، ورمي مُسترقِي السمع بثواقب شُهبها وأجراها علي أذلال[19] تسخيرها من ثبات ثابتها ومسير سائرها وهبوطها وصعودها ونحوسها وسعودها[20] . [صفحه 160] 5349- عنه عليه السلام- من خطبة له في التوحيد ويذکر فيها خلق السماوات-: فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطّدات بلا عمد، قائمات بلا سند. دعاهنَّ فأجبن طائعات مذعنات، غير متلکئات ولا مبطئات. ولولا إقرارهنّ له بالربوبيّة وإذعانهنّ بالطواعية لما جعلهنّ موضعاً لعرشه، ولا مسکناً لملائکته، ولا مَصعداً للکلم الطيّب والعمل الصالح من خلقه. جعل نجومها أعلاماً يَستدلّ بها الحيران في مختلف فجاج الأقطار. لم يمنع ضوءَ نورها ادلهمامُ سُجف الليل المظلم، ولا استطاعت جلابيب سواد الحنادس[21] أن تُردّ ما شاع في السماوات من تلألُؤ نور القمر[22] . 5350- عنه عليه السلام- مخاطباً اللَّه عزّ وجلّ- فمن فرّغ قلبه وأعمل فکره؛ ليعلم کيف أقمتَ عرشَک، وکيف ذرأت خلقک، وکيف علّقت في الهواء سماواتک، وکيف مددت علي مَور الماء أرضک، رجع طرفه حسيراً، وعقله مبهوراً، وسمعه والِهاً، وفکره حائراً[23] . 5351- عنه عليه السلام: الحمد للَّه الذي... خلق الخلق علي غير أصل، وابتدأهم علي غير مثال، وقهر العباد بغير أعوان، ورفع السماء بغير عمد، وبسط الأرض علي الهواء بغير أرکان[24] . 5352- الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام: کان عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالکوفة في الجامع، إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّي أسألک. عن [صفحه 161] أشياء. فقال سلّ تفقّهاً ولا تسأل تعنّتاً. فأحدق الناس بأبصارهم فقال: أخبرني عن أوّل ما خلق اللَّه تعالي؟ فقال عليه السلام: خلق النور. قال: فمّم خلقت السموات؟ قال عليه السلام: من بخار الماء. قال: فمّم خلقت الأرض؟ قال عليه السلام: من زبد الماء. قال: فمّم خلقت الجبال؟ قال: من الأمواج[25] . 5353- کنز العمّال عن حبّة العرني: سمعت عليّاً عليه السلام يحلف ذات يوم: والذي خلق السماء من دخان وماء[26] . 5354- الإمام عليّ عليه السلام- في جواب رجل من أهل الشام فيما سأله عن السماء الدنيا ممّا هي؟ قال-: من موج مکفوف[27] . [صفحه 163]
.
صفحه 158، 159، 160، 161، 163.
وقد تمّ تشکّل النجوم من هذا الغاز بتجمّع دقائقه في مراکز معيّنة مشکّلة أجراماً، وذلک عن طريق دورانها حول هذه المراکز. وبتبرّد هذا الغاز وتحوّله إلي عناصر أکثر تعقيداً تحوّلت الغازات إلي سوائل کما في الشمس، ثمّ تحوّلت السوائل إلي جسمٍ صلب کما في الأرض والکواکب السيّارة... (راجع تصنيف نهج البلاغة: 777 تا 788).