خزي من قال: «سلوني» غير النبيّ والإمام
وما تفوّه بهذا المقال أحد بعد أميرالمؤمنين عليه السلام إلّا وقد فُضح ووقع في رَبِيکة،[2] وأماط بيده الستر عن جهله المطبق، نظراء: 1- إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي [صفحه 318] القرشي والي مکّة والمدينة والموسم لهشام بن عبدالملک، حجّ بالناس سنة (107)، وخطب بمني، ثمّ قال: سلوني؛ فأنا ابن الوحيد، لا تسألوا أحداً أعلم منّي! فقام إليه رجل من أهل العراق، فسأله عن الاُضحيّة أ واجبة هي؟ فما دري أيّ شي ء يقول له، فنزل عن المنبر[3] . 2- مقاتل بن سليمان: قال إبراهيم الحربي: قعد مقاتل بن سليمان فقال: سلوني عمّا دون العرش إلي لويانا![4] . فقال له رجل: آدم حين حجَّ مَن حلَق رأسه؟ قال: فقال له: ليس هذا من عملکم، ولکنّ اللَّه أراد أن يبتليني بما أعجبتني نفسي![5] . 3- قال سفيان بن عيينة: قال مقاتل بن سليمان يوماً: سلوني عمّا دون العرش! فقال له إنسان: يا أباالحسن، أرأيت الذرّة أو النملة أمعاؤها في مقدّمها أو مؤخّرها؟ قال: فبقي الشيخ لا يدري ما يقول له. قال سفيان: فظننت أنّها عقوبة عوقب بها[6] . [صفحه 319] 4- قال موسي بن هارون الحمّال: بلغني أنّ قتادة قدم الکوفة، فجلس في مجلس له وقال: سلوني عن سنن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حتي اُجيبکم. فقال جماعة لأبي حنيفة: قم إليه فسلْه. فقام إليه فقال: ما تقول يا أباالخطّاب في رجل غاب عن أهله فتزوّجت امرأته، ثمّ قدم زوجها الأوّل فدخل عليها وقال: يا زانية، تزوّجت وأنا حيّ؟! ثمّ دخل زوجها الثاني فقال لها: تزوّجت يا زانية ولک زوج؟! کيف اللعان؟ فقال قتادة: قد وقع هذا؟ فقال له أبوحنيفة: وإن لم يقع نستعدّ له! فقال له قتادة: لا اُجيبکم في شي ء من هذا؛ سلوني عن القرآن. فقال له أبوحنيفة: ما تقول في قوله عزّ وجلّ: «قَالَ الَّذِي عِندَهُ و عِلْمٌ مِّنَ الْکِتَبِ أَنَاء َاتِيکَ بِهِ ي»[7] ؛ من هو؟ قال قتادة: هذا رجل من ولد عمّ سليمان بن داود؛ کان يعرف اسم اللَّه الأعظم. فقال أبوحنيفة: أکان سليمان يعلم ذلک الاسم؟ قال: لا. قال: سبحان اللَّه! ويکون بحضرة نبيّ من الأنبياء من هو أعلم منه؟! قال قتادة: لا اُجيبکم في شي ء من التفسير؛ سلوني عمّا اختلف الناس فيه. فقال له أبوحنيفة: أمؤمن أنت؟ قال: أرجو. [صفحه 320] قال له أبوحنيفة: فهلّا قلت کما قال إبراهيم فيما حکي اللَّه عنه حين قال له: «أَوَ لَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَي»[8] . قال قتادة: خذوا بيدي؛ واللَّه لا دخلت هذا البلد أبداً![9] . 5- وحکي عن قتادة أ نّه دخل الکوفة فاجتمع عليه الناس ، فقال: سلوا عمّا شئتم، وکان أبوحنيفة حاضراً وهو يومئذٍ غلام حدث، فقال: سلوه عن نملة سليمان أکانت ذکراً أم اُنثي؟ فسألوه فاُفحم. فقال أبوحنيفة: کانت اُنثي. فقيل له: کيف عرفت ذلک؟ فقال: من قوله تعالي: «قَالَتْ»،[10] ولو کانت ذکراً لقال: قال نملة؛ مثل الحمامة والشاة في وقوعها علي الذکر والاُنثي[11] . 6- قال عبيداللَّه بن محمّد بن هارون: سمعت الشافعي بمکّة يقول: سلوني عمّا شئتم اُحدّثکم من کتاب اللَّه وسنّة نبيّه. فقيل: يا أباعبداللَّه، ما تقول في محرم قتل زنبوراً؟ قال: «وَ مَآء َاتَل-کُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ»[12] [13] [14] . [صفحه 321] 5692- قال زين الدين العاملي في الصراط المستقيم: ممّا سمعناه مذاکرةً أنّ ابن الجوزي قال علي المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني. فسألته امرأة عمّا روي أنّ عليّاً سار في ليلة إلي سلمان فجهّزه ورجع. فقال: روي ذلک. قالت: وعثمان تمّ ثلاثة أيّام منبوذاً في مزابل البقيع، وعليّ حاضر؟ قال: نعم. قالت: فقد لزم الخطأ لأحدهما! فقال: إن کنت خرجت من بيتک بغير إذن بعلک فعليک لعنة اللَّه وإلّا فعليه! فقالت: خرجت عائشة إلي حرب عليّ بإذن النبيّ أو لا؟! فانقطع[15] . راجع: القسم الثالث عشر/إخباره بالأمور الغيبيّة. [صفحه 323]
5691- العلّامة الأميني قدس سره في الغدير: لم أرَ في التاريخ قبل مولانا أميرالمؤمنين مَن عرض نفسه لمعضلات المسائل وکراديس الأسئلة، ورفع عَقِيرته[1] بجأش رابط بين الملأ العلمي بقوله: سلوني، إلّا صنوه النبيّ الأعظم؛ فإنّه صلي الله عليه و آله کان يکثر من قوله: «سلوني عمّا شئتم»، وقوله: «سلوني، سلوني»، وقوله: «سلوني، ولا تسألوني عن شي ء إلّا أنبأتکم به». فکما ورث أميرالمؤمنين علمه صلي الله عليه و آله ورث مکرمته هذه وغيرها، وهما صنوان في المکارم کلّها.
صفحه 318، 319، 320، 321، 323.