خزي من قال: «سلوني» غير النبيّ والإمام











خزي من قال: «سلوني» غير النبيّ والإمام



5691- العلّامة الأميني قدس سره في الغدير: لم أرَ في التاريخ قبل مولانا أميرالمؤمنين مَن عرض نفسه لمعضلات المسائل وکراديس الأسئلة، ورفع عَقِيرته[1] بجأش رابط بين الملأ العلمي بقوله: سلوني، إلّا صنوه النبيّ الأعظم؛ فإنّه صلي الله عليه و آله کان يکثر من قوله: «سلوني عمّا شئتم»، وقوله: «سلوني، سلوني»، وقوله: «سلوني، ولا تسألوني عن شي ء إلّا أنبأتکم به». فکما ورث أميرالمؤمنين علمه صلي الله عليه و آله ورث مکرمته هذه وغيرها، وهما صنوان في المکارم کلّها.

وما تفوّه بهذا المقال أحد بعد أميرالمؤمنين عليه السلام إلّا وقد فُضح ووقع في رَبِيکة،[2] وأماط بيده الستر عن جهله المطبق، نظراء:

1- إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي

[صفحه 318]

القرشي والي مکّة والمدينة والموسم لهشام بن عبدالملک، حجّ بالناس سنة (107)، وخطب بمني، ثمّ قال: سلوني؛ فأنا ابن الوحيد، لا تسألوا أحداً أعلم منّي!

فقام إليه رجل من أهل العراق، فسأله عن الاُضحيّة أ واجبة هي؟ فما دري أيّ شي ء يقول له، فنزل عن المنبر[3] .

2- مقاتل بن سليمان: قال إبراهيم الحربي: قعد مقاتل بن سليمان فقال: سلوني عمّا دون العرش إلي لويانا![4] .

فقال له رجل: آدم حين حجَّ مَن حلَق رأسه؟

قال: فقال له: ليس هذا من عملکم، ولکنّ اللَّه أراد أن يبتليني بما أعجبتني نفسي![5] .

3- قال سفيان بن عيينة: قال مقاتل بن سليمان يوماً: سلوني عمّا دون العرش!

فقال له إنسان: يا أباالحسن، أرأيت الذرّة أو النملة أمعاؤها في مقدّمها أو مؤخّرها؟

قال: فبقي الشيخ لا يدري ما يقول له. قال سفيان: فظننت أنّها عقوبة عوقب بها[6] .

[صفحه 319]

4- قال موسي بن هارون الحمّال: بلغني أنّ قتادة قدم الکوفة، فجلس في مجلس له وقال: سلوني عن سنن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حتي اُجيبکم.

فقال جماعة لأبي حنيفة: قم إليه فسلْه. فقام إليه فقال: ما تقول يا أباالخطّاب في رجل غاب عن أهله فتزوّجت امرأته، ثمّ قدم زوجها الأوّل فدخل عليها وقال: يا زانية، تزوّجت وأنا حيّ؟! ثمّ دخل زوجها الثاني فقال لها: تزوّجت يا زانية ولک زوج؟! کيف اللعان؟

فقال قتادة: قد وقع هذا؟

فقال له أبوحنيفة: وإن لم يقع نستعدّ له!

فقال له قتادة: لا اُجيبکم في شي ء من هذا؛ سلوني عن القرآن.

فقال له أبوحنيفة: ما تقول في قوله عزّ وجلّ: «قَالَ الَّذِي عِندَهُ و عِلْمٌ مِّنَ الْکِتَبِ أَنَاء َاتِيکَ بِهِ ي»[7] ؛ من هو؟

قال قتادة: هذا رجل من ولد عمّ سليمان بن داود؛ کان يعرف اسم اللَّه الأعظم.

فقال أبوحنيفة: أکان سليمان يعلم ذلک الاسم؟

قال: لا.

قال: سبحان اللَّه! ويکون بحضرة نبيّ من الأنبياء من هو أعلم منه؟!

قال قتادة: لا اُجيبکم في شي ء من التفسير؛ سلوني عمّا اختلف الناس فيه.

فقال له أبوحنيفة: أمؤمن أنت؟

قال: أرجو.

[صفحه 320]

قال له أبوحنيفة: فهلّا قلت کما قال إبراهيم فيما حکي اللَّه عنه حين قال له: «أَوَ لَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَي»[8] .

قال قتادة: خذوا بيدي؛ واللَّه لا دخلت هذا البلد أبداً![9] .

5- وحکي عن قتادة أ نّه دخل الکوفة فاجتمع عليه الناس ، فقال: سلوا عمّا شئتم، وکان أبوحنيفة حاضراً وهو يومئذٍ غلام حدث، فقال: سلوه عن نملة سليمان أکانت ذکراً أم اُنثي؟ فسألوه فاُفحم.

فقال أبوحنيفة: کانت اُنثي. فقيل له: کيف عرفت ذلک؟ فقال: من قوله تعالي: «قَالَتْ»،[10] ولو کانت ذکراً لقال: قال نملة؛ مثل الحمامة والشاة في وقوعها علي الذکر والاُنثي[11] .

6- قال عبيداللَّه بن محمّد بن هارون: سمعت الشافعي بمکّة يقول: سلوني عمّا شئتم اُحدّثکم من کتاب اللَّه وسنّة نبيّه.

فقيل: يا أباعبداللَّه، ما تقول في محرم قتل زنبوراً؟

قال: «وَ مَآء َاتَل-کُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ»[12] [13] [14] .

[صفحه 321]

5692- قال زين الدين العاملي في الصراط المستقيم: ممّا سمعناه مذاکرةً أنّ ابن الجوزي قال علي المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني. فسألته امرأة عمّا روي أنّ عليّاً سار في ليلة إلي سلمان فجهّزه ورجع.

فقال: روي ذلک.

قالت: وعثمان تمّ ثلاثة أيّام منبوذاً في مزابل البقيع، وعليّ حاضر؟

قال: نعم.

قالت: فقد لزم الخطأ لأحدهما!

فقال: إن کنت خرجت من بيتک بغير إذن بعلک فعليک لعنة اللَّه وإلّا فعليه!

فقالت: خرجت عائشة إلي حرب عليّ بإذن النبيّ أو لا؟! فانقطع[15] .

راجع: القسم الثالث عشر/إخباره بالأمور الغيبيّة.

[صفحه 323]



صفحه 318، 319، 320، 321، 323.





  1. العَقِيْرة: الصَّوْت (النهاية: 275:3).
  2. يقال: إرْتَبَک الرجُلُ في الأمر: أي نَشِب فيه ولم يَکَدْ يتخلّص منه. وارْتَبَک في کلامه: تَتَعْتَعَ (انظر لسان العرب: 431:10).
  3. راجع: تاريخ دمشق: 535:261:7 وتاريخ الطبري: 53:7.
  4. کذا في المصدر.
  5. راجع: تاريخ بغداد: 7143:163:13 وتهذيب الکمال: 6161:447:28.
  6. راجع: تاريخ بغداد: 7143:166:13 وتهذيب الکمال: 6161:447:28.
  7. النمل: 40.
  8. البقرة: 260.
  9. راجع: الانتقاء لإبن عبدالبرّ: 156.
  10. النمل: 18.
  11. راجع: حياة الحيوان الکبري: 368:2 والکشّاف: 137:3 وفيض القدير: 673:4 وبحارالأنوار: 95:14.
  12. الحشر: 7.
  13. راجع: تذکرة الحفّاظ: 756:755:2 والسنن الکبري: 10055:347:5.
  14. الغدير: 195:6.
  15. الصراط المستقيم: 218:1.