موسّس علم النحو
قال: سمعت ببلدکم لحناً فأردت أن أضع کتاباً في اُصول العربيّة. فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا. فأتيته بعد أيّام، فألقي إليَّ صحيفة فيها: الکلام کلّه: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمّي، والفعل: ما أنبأ عن حرکة المسمّي، والحرف: ما أنبأ عن معني ليس باسمٍ ولا فعلٍ. ثمّ قال لي: زده وتتبّعه. فجمعت أشياء ثمّ عرضتها عليه[1] . 5630- تاريخ الخلفاء عن أبي الأسود الدؤلي: دخلت علي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فرأيته مطرقاً مفکّراً، فقلت: فيم تفکّر يا أميرالمؤمنين؟ قال: إنّي سمعت ببلدکم هذا لحناً فأردت أن أصنع کتاباً في اُصول العربيّة. فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا، وبقيت فينا هذه اللغة. ثمّ أتيته بعد ثلاث، فألقي إليَّ صحيفة فيها: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الکلمة: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمّي، والفعل: ما أنبأ عن حرکة المسمّي، والحرف: ما أنبأ عن معني ليس باسم ولا فعل. ثمّ قال: تتبّعه وزد فيه ما وقع لک، واعلم يا أباالأسود، أنّ الأشياء ثلاثة: [صفحه 265] ظاهر، ومضمر، وشي ء ليس بظاهر ولا مضمر، وإنّما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر. قال أبوالأسود: فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه، فکان من ذلک حروف النصب، فذکرت منها: إنّ وأنّ وليت ولعلّ وکأنّ، ولم أذکر لکنّ، فقال لي: لِمَ ترکتها؟ فقلت: لم أحسبها منها. فقال: بلي هي منها، فزدها فيها[2] . 5631- شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان: جاء أعرابي إلي عليّ بن أبي طالب، فقال: السلام عليکم يا أميرالمؤمنين، کيف تقرأ هذا الحرف «لا يأکله إلّا الخاطون» کلٌّ واللَّه يخطو؟ فتبسّم عليّ رضي الله عنه وقال يا أعرابي: «لَّا يَأْکُلُهُ و إِلَّا الْخَطُِونَ»[3] . قال: صدقت واللَّه يا أميرالمؤمنين، ما کان اللَّه ليسلم عبده. ثمّ التفت عليّ إلي أبي الأسود الدؤلي فقال: إنّ الأعاجم قد دخلت في الدِّين کافّة، فضع للناس شيئاً يستدلّون به علي صلاح ألسنتهم، فرسم له الرفع والنصب والخفض[4] . 5632- المناقب لابن شهر آشوب: وهو [الإمام عليّ عليه السلام] واضع النحو؛ لأنّهم يروونه عن الخليل بن أحمد بن عيسي بن عمرو الثقفي عن عبداللَّه بن إسحاق [صفحه 266] الحضرمي عن أبي عمرو بن العلاء عن ميمون الأفرن عن عنبسة الفيل عن أبي الأسود الدؤلي عنه عليه السلام. والسبب في ذلک: إنّ قريشاً کانوا يزوّجون بالأنباط[5] فوقع فيما بينهم أولاد ففسد لسانهم، حتي إنّ بنتاً لخويلد الأسدي کانت متزوّجة بالأنباط، فقالت: إنّ أبوي مات وترک عليّ مالٌ کثيرٌ. فلمّا رأوا فساد لسانها أسّس النحو. وروي أنّ أعرابياً سمع من سوقي يقرأ: «إنَّ اللَّهَ بَري ءٌ مِنَ الْمُشْرِکِينَ وَرَسُولِه»[6] فشجّ رأسه، فخاصمه إلي أميرالمؤمنين، فقال له في ذلک، فقال: إنّه کفر باللَّه في قراءته. فقال عليه السلام: إنّه لم يتعمّد ذلک. وروي أنّ أباالأسود کان في بصره سوءٌ، وله بنيّة تقوده إلي عليّ عليه السلام، فقالت: يا أبتاه، ما أشدُّ حرِّ الرمضاء! تريد التعجّب، فنهاها عن مقالتها، فأخبر أميرالمؤمنين عليه السلام بذلک فأسّس. وروي أنّ أباالأسود کان يمشي خلف جنازة، فقال له رجل: مَن المتوفّي؟ فقال: اللَّه، ثمّ أخبر عليّاً بذلک فأسّس. فعلي أيّ وجه کان وقعه إلي أبي الأسود وقال: ما أحسن هذا النحو!، احشِ له بالمسائل، فسمّي نحواً[7] . 5633- تاج العروس: إنّ أوّل من رسم للناس النحو واللغة أبوالأسود الدؤلي، [صفحه 267] وکان أخذ ذلک عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه[8] . 5634- تاج العروس- في بيان الأقوال في وجه تسمية علم النحو بهذا الاسم-: قيل: لقول عليّ رضي اللَّه تعالي عنه بعدما علّم أباالأسود الاسم والفعل وأبواباً من العربيّة: انحُ علي هذا النحو[9] . 5635- البداية والنهاية عن ابن خلّکان وغيره: کان أوّل من ألقي إليه علم النحو عليّ بن أبي طالب، وذکر له أنّ الکلام: اسم، وفعل، وحرف. ثمّ إنّ أباالأسود نحا نحوه، وفرّع علي قوله، وسلک طريقه، فسمّي هذا العلم: النحو، لذلک[10] .
5629- سير أعلام النبلاء عن أبي الأسود: دخلت علي عليّ فرأيته مطرقاً، فقلت: فيم تتفکّرُ يا أميرالمؤمنين؟
صفحه 265، 266، 267.