موسّس علم النحو











موسّس علم النحو



5629- سير أعلام النبلاء عن أبي الأسود: دخلت علي عليّ فرأيته مطرقاً، فقلت: فيم تتفکّرُ يا أميرالمؤمنين؟

قال: سمعت ببلدکم لحناً فأردت أن أضع کتاباً في اُصول العربيّة.

فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا. فأتيته بعد أيّام، فألقي إليَّ صحيفة فيها:

الکلام کلّه: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمّي، والفعل: ما أنبأ عن حرکة المسمّي، والحرف: ما أنبأ عن معني ليس باسمٍ ولا فعلٍ. ثمّ قال لي: زده وتتبّعه. فجمعت أشياء ثمّ عرضتها عليه[1] .

5630- تاريخ الخلفاء عن أبي الأسود الدؤلي: دخلت علي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فرأيته مطرقاً مفکّراً، فقلت: فيم تفکّر يا أميرالمؤمنين؟

قال: إنّي سمعت ببلدکم هذا لحناً فأردت أن أصنع کتاباً في اُصول العربيّة.

فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا، وبقيت فينا هذه اللغة.

ثمّ أتيته بعد ثلاث، فألقي إليَّ صحيفة فيها: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الکلمة: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمّي، والفعل: ما أنبأ عن حرکة المسمّي، والحرف: ما أنبأ عن معني ليس باسم ولا فعل.

ثمّ قال: تتبّعه وزد فيه ما وقع لک، واعلم يا أباالأسود، أنّ الأشياء ثلاثة:

[صفحه 265]

ظاهر، ومضمر، وشي ء ليس بظاهر ولا مضمر، وإنّما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر.

قال أبوالأسود: فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه، فکان من ذلک حروف النصب، فذکرت منها: إنّ وأنّ وليت ولعلّ وکأنّ، ولم أذکر لکنّ، فقال لي: لِمَ ترکتها؟

فقلت: لم أحسبها منها. فقال: بلي هي منها، فزدها فيها[2] .

5631- شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان: جاء أعرابي إلي عليّ بن أبي طالب، فقال: السلام عليکم يا أميرالمؤمنين، کيف تقرأ هذا الحرف «لا يأکله إلّا الخاطون» کلٌّ واللَّه يخطو؟

فتبسّم عليّ رضي الله عنه وقال يا أعرابي: «لَّا يَأْکُلُهُ و إِلَّا الْخَطُِونَ»[3] .

قال: صدقت واللَّه يا أميرالمؤمنين، ما کان اللَّه ليسلم عبده.

ثمّ التفت عليّ إلي أبي الأسود الدؤلي فقال: إنّ الأعاجم قد دخلت في الدِّين کافّة، فضع للناس شيئاً يستدلّون به علي صلاح ألسنتهم، فرسم له الرفع والنصب والخفض[4] .

5632- المناقب لابن شهر آشوب: وهو [الإمام عليّ عليه السلام] واضع النحو؛ لأنّهم يروونه عن الخليل بن أحمد بن عيسي بن عمرو الثقفي عن عبداللَّه بن إسحاق

[صفحه 266]

الحضرمي عن أبي عمرو بن العلاء عن ميمون الأفرن عن عنبسة الفيل عن أبي الأسود الدؤلي عنه عليه السلام.

والسبب في ذلک: إنّ قريشاً کانوا يزوّجون بالأنباط[5] فوقع فيما بينهم أولاد ففسد لسانهم، حتي إنّ بنتاً لخويلد الأسدي کانت متزوّجة بالأنباط، فقالت: إنّ أبوي مات وترک عليّ مالٌ کثيرٌ. فلمّا رأوا فساد لسانها أسّس النحو.

وروي أنّ أعرابياً سمع من سوقي يقرأ: «إنَّ اللَّهَ بَري ءٌ مِنَ الْمُشْرِکِينَ وَرَسُولِه»[6] فشجّ رأسه، فخاصمه إلي أميرالمؤمنين، فقال له في ذلک، فقال: إنّه کفر باللَّه في قراءته.

فقال عليه السلام: إنّه لم يتعمّد ذلک.

وروي أنّ أباالأسود کان في بصره سوءٌ، وله بنيّة تقوده إلي عليّ عليه السلام، فقالت: يا أبتاه، ما أشدُّ حرِّ الرمضاء! تريد التعجّب، فنهاها عن مقالتها، فأخبر أميرالمؤمنين عليه السلام بذلک فأسّس.

وروي أنّ أباالأسود کان يمشي خلف جنازة، فقال له رجل: مَن المتوفّي؟

فقال: اللَّه، ثمّ أخبر عليّاً بذلک فأسّس.

فعلي أيّ وجه کان وقعه إلي أبي الأسود وقال: ما أحسن هذا النحو!، احشِ له بالمسائل، فسمّي نحواً[7] .

5633- تاج العروس: إنّ أوّل من رسم للناس النحو واللغة أبوالأسود الدؤلي،

[صفحه 267]

وکان أخذ ذلک عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه[8] .

5634- تاج العروس- في بيان الأقوال في وجه تسمية علم النحو بهذا الاسم-: قيل: لقول عليّ رضي اللَّه تعالي عنه بعدما علّم أباالأسود الاسم والفعل وأبواباً من العربيّة: انحُ علي هذا النحو[9] .

5635- البداية والنهاية عن ابن خلّکان وغيره: کان أوّل من ألقي إليه علم النحو عليّ بن أبي طالب، وذکر له أنّ الکلام: اسم، وفعل، وحرف. ثمّ إنّ أباالأسود نحا نحوه، وفرّع علي قوله، وسلک طريقه، فسمّي هذا العلم: النحو، لذلک[10] .



صفحه 265، 266، 267.





  1. سير أعلام النبلاء: 28:84:4؛ الفصول المختارة: 91، الصراط المستقيم: 220:1، الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1079:684:1 کلّها نحوه.
  2. تاريخ الخلفاء: 213، کنز العمّال: 29456:283:10 وفيه «الکلام» بدل «الکلمة» وراجع الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1073:681:1.
  3. الحاقّة: 37.
  4. شعب الإيمان: 1684:259:2، کنز العمّال: 29457:284:10.
  5. النبط والنبيط: قومٌ ينزلون بالبطائح بين العراقين (الصحاح: 1162:3).
  6. ومراده الآية: «أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِّنَ الْمُشْرِکِينَ وَرَسُولُهُ» (التوبة: 3).
  7. المناقب لابن شهر آشوب: 46:2.
  8. تاج العروس: 62:1، البداية والنهاية: 312:8 نحوه.
  9. تاج العروس: 226:20؛ الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1073:681:1.
  10. البداية والنهاية: 312:8.