لم يجد حملةً لعلمه











لم يجد حملةً لعلمه



4936- الإمام عليّ عليه السلام: اندمجت[1] علي مکنون علم لو بُحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية[2] في الطويّ[3] البعيدة[4] .

[صفحه 45]

4937- عنه عليه السلام: ليس کلّ العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسّره لکلّ الناس؛ لأنّ منهم القويّ والضعيف، ولأنّ منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله إلّا من يسهّل اللَّه له حمله وأعانه عليه من خاصّة أوليائه[5] .

4938- عنه عليه السلام- لکميل بن زياد النخعي-: ها إنّ هاهنا لعلماً جمّاً- وأشار بيده إلي صدره- لو أصبت له حملة! بلي أصبت لَقِناً[6] غير مأمون عليه، مستعملاً آلة الدين للدنيا، ومستظهراً بنعم اللَّه علي عباده، وبحججه علي أوليائه، أو منقاداً لحملة الحقّ، لا بصيرة له في أحنائه،[7] ينقدح الشکّ في قلبه لأوّل عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاک! أو منهوماً باللذّة، سلس القياد للشهوة، أو مغرماً بالجمع والادّخار، ليسا من رعاة الدين في شي ءٍ، أقرب شي ءٍ شبهاً بهما الأنعام السائمة! کذلک يموت العلم بموت حامليه[8] [9] .

[صفحه 46]

4939- عنه عليه السلام: إنّ هاهنا لعلماً جمّاً- وأشار إلي صدره- ولکن طلّابه يسيرة، وعن قليل يندمون لو قد يفقدوني[10] .

4940- عنه عليه السلام: إنّ في صدري هذا لعلماً جمّاً، علّمنيه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، لو أجد له حفظة يرعونه حقّ رعايته ويروونه کما يسمعونه منّي إذاً لأودعتهم بعضه، فعلّم به کثيراً من العلم، إنّ العلم مفتاح کلّ باب، وکلّ باب يفتح ألف باب[11] .

4941- الإمام الصادق عليه السلام: قدم وفد من أهل فلسطين علي الباقر عليه السلام، فسألوه عن مسائل، فأجابهم:... لم يجد جدّي أميرالمؤمنين عليه السلام حملةً لعلمه حتي کان يتنفّس الصعداء، ويقول علي المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنّ بين الجوانح[12] منّي علماً جمّاً، ها هاه ألا لا أجد من يحمله![13] .

4942- المزار الکبير عن ميثم: أصحر[14] بي مولاي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ليلة من الليالي، حتي خرج من الکوفة وانتهي إلي مسجد جعفي،

[صفحه 47]

توجّه إلي القبلة وصلّي أربع رکعات، فلمّا سلّم وسبّح بسط کفّيه وقال: «إلهي کيف أدعوک وقد عصيتک، وکيف لا أدعوک وقد عرفتک...» وأخفت دعاءه، وسجد وعفّر وقال: العفو العفو، مائة مرّة، وقام وخرج واتّبعته حتي خرج إلي الصحراء، وخطّ لي خطّة وقال: إيّاک أن تجاوز هذه الخطّة، ومضي عنّي.

وکانت ليلة دَلهَمة،[15] فقلت: يا نفسي أسلمت مولاک وله أعداء کثيرة، أيّ عُذر يکون لک عند اللَّه وعند رسوله؟! واللَّه لأقفنّ أثره، ولأعلمنّ خبره، وإن کنت قد خالفت أمره، وجعلت أتّبع أثره، فوجدته عليه السلام مطّلعاً في البئر إلي نصفه يخاطب البئر والبئر تخاطبه، فحسّ بي، والتفت عليه السلام وقال: من؟ قلت: ميثم.

فقال: يا ميثم، ألم آمرک أن لا تجاوز الخطّة؟ قلت: يا مولاي، خشيتُ عليک من الأعداء، فلم يصبر لذلک قلبي.

فقال: أ سمعت ممّا قلت شيئاً؟ قلت: لا يا مولاي. فقال: يا ميثم


وفي الصدر لبانات[16] .
إذا ضاق لها صدري


نکتُّ الأرض بالکفّ
وأبديت لها سرّي


فمهما تنبت الأرض
فذاک النبت من بذري[17] .

[صفحه 49]



صفحه 45، 46، 47، 49.





  1. اندمجت: أي اجتمعت عليه، وانطويت واندرجت (النهاية: 132:2).
  2. الأرشية: جمع رشاء وهو الحبل (لسان العرب: 322:14).
  3. الطويُّ: البئر المطويّة بالحجارة (لسان العرب: 19:15).
  4. نهج البلاغة: الخطبة 5، الاحتجاج: 48:246:1 وفيه «لو بحت بما أنزل اللَّه سبحانه في کتابه فيکم» بدل «اندمجت علي مکنون علم لو بحت به» تذکرة الخواصّ: 128 وليس فيه «مکنون»، النهاية في غريب الحديث: 132:2، لسان العرب: 275:2، تاج العروس: 374:3.
  5. التوحيد: 268، تفسير الصافي: 489:1، بحارالأنوار: 2:141:93.
  6. لَقِناً: أي فهِماً غير ثِقة (النهاية: 266:4).
  7. أحْناء الاُمور: أطرافُها ونَواحيها (لسان العرب: 204:14).
  8. وفي فيض القدير )410:6): وقال عليّ کرّم اللَّه وجهه- وأشار إلي صدره-: إنّ هاهنا علماً جمّاً لو وجدت له حملة... قال الغزالي: وصدق؛ فقلوب الأبرار قبور الأسرار، فلا ينبغي أن يفشي العالم کلّ مايعلمه إلي کلّ أحد، هذا إذا کان من يفهمه کيساً أهلاً للانتفاع به فکيف بمن لا يفهمه؟! وقيل في قوله تعالي: «وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَ لَکُمُ» الآية (النساء: 5) إنّه نبّه به علي هذا المعني وذلک لأ نّه لما منعنا من تمکين السفيه من المال الذي هو عرض حاضر يأکل منه البرّ والفاجر تفادياً أنّه ربّما يؤدّيه إلي هلاک دنيوي، فلأن يمنع عن تمکينه من حقائق العلوم التي إذا تناولها السفيه أدّاه إلي ضلال وإضلال وهلاک وإهلاک.
  9. نهج البلاغة: الحکمة 147، الإرشاد: 228:1، الأمالي للمفيد: 3:249، کمال الدين: 2:291، الخصال: 257:186، خصائص الأئمّة عليهم السلام: 105، الأمالي للطوسي: 23:20، الغارات: 150:1، تاريخ اليعقوبي: 206:2، شرح الأخبار: 732:370:2 کلّها عن کميل بن زياد، تحف العقول: 170؛ حلية الأولياء: 80:1 کلّها نحوه، تاريخ بغداد: 3413:379:6 وفيه إلي «للدنيا» وکلاهما عن کميل بن زياد.
  10. علل الشرائع: 1:40، عيون أخبار الرضا: 1:205:1 کلاهما عن أبي الصلت عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام.
  11. الخصال: 29:645، الاختصاص: 283، بصائر الدرجات: 12:305 کلّها عن أبي إسحاق السبيعي عن بعض أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام ممّن يثق به.
  12. الجوانح: أوائل الضلوع تحت الترائب ممّا يلي الصدر، کالضلوع ممّا يلي الظهر، سمّيت بذلک لجنوحها علي القلب (لسان العرب: 429:2).
  13. التوحيد: 6:92 عن وهب بن وهب القرشي وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 38:2.
  14. أصحَر الرجلُ: إذا خَرج إلي الصحراء (النهاية: 12:3).
  15. في المصدر: «دلهة»، وما أثبتناه من المزار للشهيد الأوّل ولَيلٌ دَلْهَم: مظلم (المحيط في اللغة: 136:4).
  16. جمع اللبانة: الحاجة من غير فاقة ولکن من هِمّة (لسان العرب: 377:13).
  17. المزار الکبير: 149 و ص 153، المزار للشهيد الأوّل: 270 و ص 275.