المبادرة بالعمل الصالح











المبادرة بالعمل الصالح



5620- الإمام عليّ عليه السلام: فاتّقوا اللَّه عباد اللَّه، وبادروا آجالَکم بأعمالکم، وابتاعوا ما يبقي لکم بما يزول عنکم، وترحّلوا فقد جُدّ بکم،[1] واستعدّوا للموت فقد أظلّکم، وکونوا قوماً صِيح بهم فانتبهوا، وعلموا أنّ الدنيا ليست لهم بدار فاستبدَلوا؛ فإنّ اللَّه سبحانه لم يخلقکم عبثاً، ولم يترککم سدي، وما بين أحدکم وبين الجنّة أو النار إلّا الموت أن ينزل به. وإنّ غايةً تنقصها اللحظة، وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدّة، وإنّ غائباً يحدوه الجديدان؛ الليلُ والنهارُ لحريّ

[صفحه 258]

بسرعة الأوبة،[2] وإنّ قادمّاً يقدم بالفوز أو الشِّقوة لمستحقّ لأفضل العدّة.

فتزوّدوا في الدنيا من الدنيا ما تحرُزون به أنفسکم غداً. فاتّقي عبدٌ ربَّه نصحَ نفسه، وقدّم توبته، وغلب شهوته؛ فإنّ أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موکَّل به يُزيّن له المعصية ليرکبها، ويُمنِّيه التوبةَ ليُسوِّفها. إذا هجمت منيّته عليه أغفل ما يکون عنها.

فيالها حسرة علي کلّ ذي غفلة أن يکون عمره عليه حجّة، وأن تؤدّيه أيامه إلي الشِّقْوة! نسأل اللَّه سبحانه أن يجعلنا وإيّاکم ممن لا تُبطِره نعمةٌ، ولا تُقَصِّر به عن طاعة ربّه غاية، ولا تحلّ به بعد الموت ندامة ولا کآبة[3] .



صفحه 258.





  1. أي حثثتم علي الرحيل (شرح نهج البلاغة: 146:5).
  2. الأوبة: الرُّجوع (لسان العرب: 219:1).
  3. نهج البلاغة: الخطبة 64؛ جواهر المطالب: 305:1 نحوه.