اصناف النفس











اصناف النفس[1]



.

5398- الإمام عليّ عليه السلام: خلق اللَّه عزّوجلّ الناس علي ثلاث طبقات، وأنزلهم ثلاث منازل، وذلک قول اللَّه عزّ وجلّ في الکتاب: أصحاب الميمنة وأصحاب

[صفحه 200]

المشأمة والسابقون. فأما ما ذکره من أمر السابقين فإنّهم أنبياء مرسلون، وغير مرسلين جعل اللَّه فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح القوّة وروح الشهوة وروح البدن... ثمّ ذکر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقّاً بأعيانهم، جعل اللَّه فيهم أربعة أرواح: روح الإيمان وروح القوّة وروح الشهوة وروح البدن... فأمّا أصحاب المشأمة... فسلبهم روح الإيمان وأسکن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوّة وروح الشهوة وروح البدن، ثمّ أضافهم إلي الأنعام،

[صفحه 201]

فقال: «إِنْ هُمْ إِلَّا کَالْأَنْعَمِ»[2] لأنّ الدابّة إنّما تحمل بروح القوّة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن[3] .



صفحه 200، 201.





  1. قال العلّامة المجلسي: قد روي بعض الصوفيّة في کتبهم عن کميل بن زياد أنّه قال: سألت مولانا أميرالمؤمنين عليّاً عليه السلام

    فقلت: يا أميرالمؤمنين اُريد أن تعرّفني نفسي.

    قال: يا کميل! وأيّ الأنفس تريد أن اُعرّفک؟

    قلت: يامولاي هل هي إلّا نفس واحدة؟

    قال: يا کميل إنّما هي أربعة: النامية النباتيّة، والحسيّة الحيوانيّة، والناطقة القدسيّة، والکليّة الإلهيّة، ولکلّ واحدة من هذه خمس قوي وخاصيّتان، فالنامية النباتيّة لها خمس قوي: ماسکة، وجاذبة، وهاضمة، ودافعة، ومربّية، ولها خاصيّتان: الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الکبد. والحسيّة الحيوانيّة لها خمس قوي: سمع، وبصر، وشمّ، وذوق، ولمس، ولها خاصيّتان: الرضا والغضب، وانبعاثها من القلب. والناطقة القدسيّة لها خمس قوي: فکر، وذکر، وعلم، وحلم، ونباهة، وليس لها انبعاث، وهي أشبه الأشياء بالنفوس الفلکيّة، ولها خاصيّتان: النزاهة والحکمة. والکليّة الإلهيّة لها خمس قوي: بهاء في فناء، ونعيم في شقاء، وعزّ في ذلّ، وفقر في غناء، وصبر في بلاء، ولها خاصيّتان: الرضا والتسليم، وهذه التي مبدؤها من اللَّه وإليه تعود، قال اللَّه تعالي: «وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي» (الحِجر:29) وقال تعالي: «يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئنَّةُ- ارْجِعِي إِلَي رَبِّکِ رَاضِيَةً» (الفجر: 27 و28) والعقل في وسط الکلّ.

    أقول: هذه الاصطلاحات لم تکد توجد في الأخبار المعتبرة المتداولة، وهي شبيهة بأضغاث أحلام الصوفيّة، وقال بعضهم في شرح هذا الخبر: النفسان الاُوليان في کلامه عليه السلام مختصّان بالجهة الحيوانيّة التي هي محلّ اللذّه والألم في الدنيا والآخرة. والأخيرتان بالجهة الانسانيّة، وهما سعيدة في النشأتين وسيّما الأخيرة، فإنّها لا حظّ لها من الشقاء؛ لأ نّها ليست من عالم الشقاء، بل هي منفوخة من روح اللَّه، فلايتطرّق إليها أ لم هناک من وجه وليست هي موجودة في أکثر الناس، بل ربما لم يبلغ من اُلوفٍ کثيرة واحد إليها، وکذلک الأعضاء والجوارح بمعزل عن اللذّة والألم، أ لا تري إلي المريض إذا نام وهو حيّ والحسّ عنده موجود والجرح الذي يتألّم به في يقظته موجود في العضو ومع هذا لا يجد ألماً؟ لأنّ الواجد للألم قد صرف وجهه عن عالم الشهادة إلي البرزخ فما عنده خير، فإذا استيقظ المريض أي رجع إلي عالم الشهادة ونزل منزل الحواسّ قامت به الأوجاع والآلام، فإن کان في البرزخ في ألم کما في رؤيا مفزعة مؤلمة أو في لذّة کما في رؤيا حسنة ملذّة انتقل منه الألم واللذّة حيث انتقل، وکذلک حاله في الآخرة- انتهي- (بحارالأنوار: 84:61).

  2. الفرقان: 44.
  3. الکافي: 16:282:2، بصائر الدرجات: 6:449 کلاهما عن الأصبغ بن نباتة، تحف العقول: 189، بحارالأنوار: 46:65:25.