فضائل لهما شتّي











فضائل لهما شتّي



291. ابن مردويه، أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن القرشي الکوفي، أنبأنا إبراهيم ابن إسحاق بن أبي العنس الزهري، أنبأنا محمّد بن کناسة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم والحسن بن عليّ يشبهه.[1] .

292. ابن مردويه، حدّثنا إبراهيم بن محمّد، أخبرنا أحمد بن عليّ، حدّثنا أبوخيثمة، حدّثنا ابن عيينة، عن أبي موسي، عن الحسن، عن أبي بکرةرضي الله عنه، قال: سمعت النبيّ صلي الله عليه وسلم يقول: «إنّ ابني هذا سيّد، ولعلّ اللَّه أن يصلح به بين فئتين من المسلمين». قال أبوخيثمة: يعني الحسن رضي الله عنه.[2] .

293. ابن مردويه، بإسناده عن ابن عباس، قال: کنت مع عليّ بن أبي طالب في

[صفحه 209]

خروجه إلي صفين، فلمّا نزل بنينوي- وهو شط الفرات- قال بأعلي صوته: يابن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قلت: نعم. قال: لو عرفته کمعرفتي لم تکن تجوزه حتّي تبکي کبکائي. قال: فبکي طويلاً حتّي اخضلّت لحيته، وسالت الدموع علي صدره، وبکينا معه، وهو يقول: أوه أوه! مالي ولآل أبي سفيان؟ مالي ولآل حرب! حزب الشيطان، وأولياء الکفر، صبراً أباعبداللَّه، فقد لقي أبوک مثل الّذي تلقي منهم.

ثمّ دعا بماء، فتوضأ وضوء الصلاة، فصلّي ما شاء اللَّه أن يصلّي. ثمّ ذکر نحو کلامه الأوّل، إلّا أنّه نعس عند انقضاء صلاته ساعة، ثمّ انتبه فقال: يابن عباس، فقلت: ها أنا ذا.

قال: ألا أُحدّثک بما رأيت في منامي آنفاً عند رقدتي؟

قلت: نامت عيناک ورأيت خيراً، قال: رأيت کأنّي برجال بيض قد نزلوا من السماء، معهم أعلام بيض قد تقلّدوا سيوفهم وهي بيض تلمع، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطّة. ثمّ رأيت کأنّ هذه النخيل وقد ضربت بأغصانها الأرض، وهي تضطرب بدم عبيط، وکأنّي بالحسين سخلي وفرخي وبضعتي، قد غرق فيه، يستغيث فلا يغاث، وکأنّ الرجال البيض الّذين نزلوا من السماء ينادونه، ويقولون: صبراً آل الرسول فانّکم تُقتلون علي أيدي شرار الناس، وهذه الجنّة يا أباعبداللَّه، إليک مشتاقة. ثمّ يعزّونني ويقولون: يا أباالحسن، أبشر فقد أقرّ اللَّه به عينک يوم القيامة، يوم يقوم الناس لربّ العالمين. ثمّ انتبهت هکذا، والّذي نفسي بيده، لقد حدّثني الصادق المصدّق أبوالقاسم صلي الله عليه و آله أنّي سأراها في خروجي إلي أهل البغي علينا. وهذه أرض کربٍ وبلاء يدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً کلّهم من ولدي وولد فاطمة، وأنّها لفي السماوات معروفة، تذکر أرض کرب و بلاء کما تذکر بقعة الحرمين، وبقعة بيت المقدس.

[صفحه 210]

ثمّ قال: يابن عباس، اطلب لي حولنا بعر الظباء، فواللَّه ما کَذبت ولا کُذبت ولاکذبني قط، وهي مصفرّة، لونها لون الزعفران.

قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة، فناديته: يا أميرالمؤمنين قد أصبتها علي الصفة الّتي وصفتها. فقال عليّ: صدق اللَّه وصدق رسوله. ثمّ قام يهرول إلينا فحملها وشمّها، فقال: هي هي بعينها، أتعلم يابن عبّاس ما هذه الأباعر؟ هذه قد شمّها عيسي بن مريم، وقال: هذا الطيب لمکان حشيشها- وتکلّم بکلّ ما قدمناه إلي أن قال:- اللهمّ فابقها أبداً حتّي يشمّها أبوه فتکون له عزاء.

قال: فبقيت إلي يوم الناس هذا، ثمّ قال عليّ: اللهمّ ياربّ عيسي بن مريم، لاتبارک في قتلته، والحامل عليه، والمعين عليه، والخاذل له. ثمّ بکي طويلاً، فبکينا معه حتّي سقط لوجهه مغشيّاً عليه.

ثمّ أفاق وأخذ البعر وصرّه في ردائه، وأمرني أن أصرّها کذلک. ثمّ قال: إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً فاعلم أنّ أباعبداللَّه قد قُتل بها ودفن.

قال ابن عباس: لقد کنت أحفظها، ولا أحلّها من طرف کمّي، فبينا أنا في البيت نائم وقد خلا عشر المحرم إذ انتبهت فإذا تسيل دماً، فجلست وأنا باکٍ فقلت: قُتل الحسين، وذلک عند الفجر، فرأيت المدينة کأنّها ضباب، ثمّ طلعت الشمس وکأنّها منکسفة، وکأنّ علي الجدران دماً، فسمعت صوتاً يقول وأنا باک:


اصبروا آل الرسول
قُتل الفرخ البجول


نزل الروح الأمين
ببکاءٍ وعويل


ثمّ بکي وبکيت، ثمّ حدّثت الّذين کانوا مع الحسين، فقالوا:

[صفحه 211]

لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعرکة. فکنّا نري أنّه الخضر عليه السلام.[3] .

[صفحه 213]


صفحه 209، 210، 211، 213.








  1. ترجمة الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق، ص 32، قال: أخبرنا أبوعمرو عثمان بن طلحة الصالحاني، وأبوطاهر عبدالمنعم بن أحمد بن إبراهيم الصالحاني، وأبوالفتوح زکريا، وأبومطيع لوطاً إبنا عليّ بن محمّد بن عمر الباغبان، وأبوإسحاق إبراهيم بن سهل بن محمّد بن عثمان بن مندويه الصباغ، واُم الضياء عنتمة بنت إسماعيل بن عبدالرزاق، قالوا: أنبأنا أبومطيع محمّد بن عبدالواحد بن عبدالعزيز المصري، أنبأنا أحمد بن موسي بن مردويه إملاءاً....

    ورواه أحمد بن حنبل في مسنده (ج 4، ص 307)، قال: حدّثنا يزيد، أخبرناإسماعيل- يعني: ابن أبي خالد-، حدّثني أبوجحيفة، أنّه رأي رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم وکان أشبه الناس به الحسن بن عليّ.

  2. دلائل النبوة، ص 112، قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عليّ، أخبرنا أبوبکر بن مردويه....

    ورواه ابن عساکر في ترجمة الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق (ص 83)، قال: أخبرنا أبوالقاسم الشحامي، أنبأنا أبونصر بن موسي، أنبأنا أبوزکريا الجويني [الحربي]، أنبأنا عبداللَّه بن محمّد بن الحسن، أنبأنا عبداللَّه بن هاشم، أنبأنا وکيع، أنبأنا سفيان، عن داوود بن أبي هند، عن الحسن، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم للحسن بن عليّ: «إنّ ابني هذا سيّد، ويصلح اللَّه به بين فئتين من المسلمين».

  3. الخرائج والجرائح، ج 3، ص 1144.

    روي الهيثمي في مجمع الزوائد (ج 9، ص 187)، قال: وعن نجي الحضرمي، أنّه سار مع عليّ رضي الله عنه وکان صاحب مطهرته، فلمّا حاذي نينوي وهو منطلق إلي صفين فنادي عليّ: إصبر أباعبداللَّه، إصبر أباعبداللَّه بشطّ الفرات. قلت: وماذاک. قال: دخلت علي النبيّ صلي الله عليه وسلم ذات يوم وإذا عيناه تذرفان. قلت: يا نبي اللَّه، أغضبک أحد! ما شأن عينيک تفيضان؟ قال: «بل قام من عندي جبريل عليه السلام»، قال: «فحدّثني أنّ الحسين يقتل بشط الفرات». قال: فقال: هل لک أن أشمّک من تربته؟ قلت: «نعم». قال: «فمدّ يده، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملک عيني أن فاضتا».

    رواه أحمد وأبويعلي، والبزاز، والطبراني، ورجاله ثقات ولم ينفرد نجي بهذا.

    وروي نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين (ص 140)، قال: حدّثني مصعب بن سلام، قال أبوحيّان التميمي، عن أبي عبيدة، عن هرثمة بن سليم، قال: غزونا مع عليّ بن أبي طالب غزوة صفين، فلمّا نزلنا بکربلاء صلّي بنا صلاة، فلمّا سلّم، رفع إليه من تربتها فشمّها، ثمّ قال: واهاً لک أيّتها التربة! ليحشرنّ منک قوم يدخلون الجنّة بغير حساب.

    وروي نصر (ص 141)، قال: مصعب بن سلام، قال: حدّثنا الأجلح بن عبداللَّه الکندي، عن أبي جحيفة قال: جاء عروة البارقي إلي سعيد بن وهب، فسأله وأنا أسمع، فقال: حديث حدثتنيه عن عليّ بن أبي طالب. قال: نعم، بعثني مخنف بن سليم إلي عليّ، فأتيته بکربلاء، فوجدته يشير بيده ويقول: هاهنا هاهنا، فقال له رجل: وما ذلک يا أمير المؤمنين؟ قال: ثقلٌ لآل محمّد ينزل هاهنا، فويل لهم منکم! وويل لکم منهم! فقال له الرجل: ما معني هذا الکلام يا أميرالمؤمنين؟ قال: ويل لهم منکم تقتلونهم. وويل لکم منهم يدخلکم اللَّه بقتلهم إلي النّار.