في وقعة بدر











في وقعة بدر



183. ابن مردويه، عن أبي الطفيل، أنّ ابن الکواء سأل عليّاً: من الّذين بدّلوا نعمة اللَّه کفراً؟[1] قال: هم الفجّار من قريش. کفيتهم يوم بدر.[2] .

184. ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إنّ المشرکين من قريش لمّا خرجوا لينصروا العير ويقاتلوا عليها، نزلوا علي الماء يوم بدر، فغلبوا المؤمنين عليه، فأصاب المؤمنين الظمأ، فجعلوا يصلّون مجنبين ومحدثين، فألقي الشيطان في قلوب المؤمنين الحزن فقال لهم: أ تزعمون أنّ فيکم النبيّ صلي الله عليه وسلم، وأنّکم أولياء اللَّه، وقد غُلبتم علي الماء، وأنتم تصلّون مجنبين ومحدثين! حتّي تعاظم ذلک في صدور أصحاب النبيّ صلي الله عليه وسلم، فأنزل اللَّه من السماء ماءً حتّي سال الوادي، فشرب المؤمنون، وملؤا الأسقية، وسقوا الرکاب، واغتسلوا من الجنابة، فجعل اللَّه في ذلک طهوراً وثبّت أقدامهم. وذلک أنّه کانت بينهم وبين

[صفحه 150]

القوم رملة، فبعث اللَّه المطر عليها فلبدها حتّي اشتدت وثبّت عليها الأقدام، ونفر النبيّ صلي الله عليه وسلم بجميع المسلمين وهم يومئذٍ ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، منهم سبعون ومئتان من الأنصار، وسائرهم من المهاجرين.

وسيّد المشرکين يومئذٍ عتبة بن ربيعة- لکبر سنّه-، فقال عتبة: يا معشر قريش، إنّي لکم ناصح، وعليکم مشفق، لا أدخر النصيحة لکم بعد اليوم، وقد بلغتم الّذي تريدون، وقد نجا أبوسفيان فارجعوا، وأنتم سالمون، فإن يکن محمّد صادقاً فأنتم أسعد الناس بصدقه، وإن يک کاذباً فأنتم أحقُ من حقن دمه.

فالتفت إليه أبوجهل فشتمه وفج وجهه وقال له: قد امتلأت أحشاؤک رعباً. فقال له عتبة: سيعلم اليوم من الجبان المفسد لقومه!

فنزل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة حتّي إذا کانوا قرب أسنّة المسلمين قالوا: ابعثوا إلينا عدتنا منکم نقاتلهم، فقام غلمة بني الخزرج، فأجلسهم النبيّ صلي الله عليه وسلم ثمّ قال: «يا بني هاشم أتبعثون إلي أخويکم- والنبيّ منکم- غلمة بني الخزرج؟» فقام حمزه بن عبدالمطلب وعليّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، فمشوا إليهم في الحديد.

فقال عتبة: تکلّموا نعرفکم، فان تکونوا أکفاءنا نقاتلکم، فقال حمزةرضي الله عنه: أنا أسد اللَّه وأسد رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم، فقال له عتبة: کفؤ کريم، فوثب إليه شيبة فاختلفا ضربتين فضربه حمزة فقتله. ثمّ قام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلي الوليد بن عتبة، فاختلفا ضربتين فضربه عليّ رضي الله عنه فقتله. ثمّ قام عبيدة فخرج إليه عتبة، فاختلفا ضربتين فجرح کل واحد منهما صاحبه، وکرّ حمزة علي عتبة فقتله. فقام النبيّ صلي الله عليه وسلم فقال: «اللهمّ ربّنا، أنزلت عليّ الکتاب وأمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولاتخلف الميعاد»، فأتاه جبريل عليه السلام فأنزل عليه: «أَلَن يَکْفِيَکُمْ أَن يُمِدَّکُمْ رَبُّکُم بِثَلَثَةِء َالَفٍ مِّنَ الْمَلَل-ِکَةِ مُنزَلِينَ»،[3] فأوحي اللَّه إلي الملائکة

[صفحه 151]

«أَنِّي مَعَکُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَء َامَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ کَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَْعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ کُلَّ بَنَانٍ»[4] فقُتل أبوجهل في تسعة وستين رجلاً، وأُسر عقبة ابن أبي معيط، فَقُتِل صبراً فوفي ذلک سبعين، واُسر سبعون.[5] .

185. ابن مردويه، من حديث عمّار ابن اُخت سفيان، عن طريق الحنظلي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، قال: نادي مناد من السماء يوم بدر يقال له رضوان: لاسيف إلّا ذوالفقار، ولافتي إلّا عليّ بن أبي طالب.[6] .


صفحه 150، 151.








  1. إشارةً إلي قوله تعالي: «أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ کُفْرًا وَ أَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ». (سورة إبراهيم، الآية 28).
  2. کنز العمّال، ج 2، ص 444، ح 4454. قال: عبد الرزاق، والفاريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل.
  3. سورة آل عمران، الآية 124.
  4. سورة الأنفال، الآية 12.
  5. الدرّ المنثور، ج 3، ص 171.
  6. الموضوعات، ج 1، ص 382.

    ورواه الخوارزمي في المناقب (ص 167، ح 200)، قال: وبهذا الإسناد، عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبوعبد اللَّه الحافظ، حدّثنا عبد العزيز بن عبد الملک بن نصر الأموي ببخاري، حدّثنا أبوأيّوب سليمان بن أحمد بن يحيي الثغري بحمص، حدّثنا أبوعمارة محمّد بن أحمد بن يزيد بن المهتدي، حدّثنا عبد الجبار بن عبد اللَّه، حدّثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم بدر: «هذا رضوان، ملک من ملائکة اللَّه ينادي: لاسيف إلّا ذو الفقار، ولافتي إلّا عليّ».

    ورواه ابن عساکر في ترجمة الامام عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق (ج 1، ص 158، ح 197). قال: أنبأنا أبوالقاسم عليّ بن أحمد بن محمّد بن بيان، وأخبرنا خالي أبوالمکارم سلطان بن يحيي بن عليّ وأبوسليمان داوود بن محمّد عنه، أنبأنا أبوالحسن ابن مخلد، أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصفار، أنبأنا الحسن بن عرفة، حدّثني عمّار بن محمّد، عن سعيد بن محمّد الحنظلي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ قال: نادي منادٍ في السماء يوم بدر يقال له رضوان: لاسيف إلّا ذوالفقار، ولافتي إلّا عليّ.