سوره الانسان











سوره الانسان



106- قوله تعالي: «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَيحُبِّهِ ي مِسْکِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا» [الآية: 8].[1] .

574. ابن مردويه، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وفاطمة بنت رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم.[2] .

575. ابن مردويه، حدّثنا محمّد بن أحمد بن سالم، حدّثني إبراهيم بن أبي طالب النيشابو ري، حدّثنا محمّد بن النعمان بن شبل، حدّثنا يحيي بن أبي زوق الهمداني، عن أبيه، عن الضحاک، عن ابن عباس في قوله تعالي: «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ ي مِسْکِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا» قال: نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب عليه السلام وفاطمة بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ظلّا صائمين حتّي إذا کان آخر النهار واقترب الإفطار قامت فاطمة عليهاالسلام إلي شي ء من طحين کان عندها فخبزته قرص ملة، وکان عندها «نحي» فيه شي ء من سمن قليل، فأدّمت القرصة الملة شي ء من السمن ينتظران بها إفطارهما، فأقبل مسکين رافع صوته ينادي: المسکين الجائع المحتاج، فهتف علي بابهم فقال عليّ عليه السلام لفاطمة: عندک شي ء تطعمينه هذا المسکين؟

[صفحه 342]

قالت فاطمة: هيأت قرصاً، وکان في النحي شي ء من سمن، فجعلته فيه أنتظر به إفطارنا.

فقال لها عليّ عليه السلام: آثري به هذا المسکين الجائع المحتاج.

فقامت فاطمة عليهاالسلام بالقرص مأدوماً فدفعته إلي المسکين، فجعله المسکين في حضنه وخرج به متوجهاً من عندهما يأکل من حضن نفسه، فأقبلت امرأة معها صبي صغير تنادي: اليتيم المسکين الّذي لا أب له ولا أم، ولا أحد، فلمّا رأت المرأة الّتي معها اليتيم المسکينَ يأکل من حضن نفسه، أقبلت باليتيم فقالت: ياعبداللَّه، أطعم هذا اليتيم المسکين ممّا أراک تأکل، فقال لها المسکين: لالعمرک واللَّه، ما کنت لأُطعمک من رزق ساقه اللَّه تعالي إليَّ ولکني أدلّک علي من أطعمني، فقالت: فادللني عليه؟ فقال لها: أهل ذلک البيت الّذي ترين،- وأشار إليه من بعيد- فإن في ذلک المنزل رجلاً وامرأة أطعمانيه. قالت المرأة: فان الدال علي الخير کفاعله. قال المسکين: وإنّي لأرجو أن يطعما يتيمکِ کما أطعماني.

فأقبلت باليتيم حتّي ضربت علي عليّ ونادت: يا أهل المنزل، أطعموا اليتيم المسکين الّذي لا أب له ولا أمّ، من فضل مارزقکم اللَّه.

فقال عليّ عليه السلام لفاطمة: عندک شي ء؟

فقالت: فضل طحين عندي فجعلته حريرة، وليس عندنا غيره، وقد اقترب الإفطار.

فقال لها عليّ: آثري به هذا المسکين اليتيم «وَ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ َ أَبْقَي».[3] .

فقامت فاطمة عليهاالسلام بالقدر بما فيه فکبتها في حضن المرأة، فخرجت المرأة تطعم الصبي اليتيم ممّا في حضنها، فلم تجز بعيداً حتّي أقبل أسير من اُسراء

[صفحه 343]

المشرکين ينادي: الأسير الغريب المسکين الجائع، فلمّا نظر الأسير إلي المرأة تطعم الصبي من حضنها، أقبل إليها فقال: يا أمة اللَّه أطعميني ممّا أراک تطعمينه هذا الصبي.

قالت المرأة: لا لعمرک واللَّه، ماکنت لأُطعمک من رزقٍ رزق اللَّه هذا اليتيم المسکين، ولکني أدلّک علي من أطعمني کما دلّني عليه سائل قبلک.

قال لها الأسير: وأن الدال علي الخير کفاعله.

فقالت له: أهل ذلک المنزل الّذي تري فيه رجلاً وامرأة، أطعما مسکيناً سائلاً وهذا اليتيم.

فانطلق الأسير إلي باب عليّ وفاطمة عليهم السلام، فهتف بأعلي صوته: يا أهل المنزل، أطعموا الأسير الغريب المسکين من فضل مارزقکم اللَّه تعالي.

فقال عليّ لفاطمة: أعندک شي ء؟

قالت: ماعندي طحين، أصبت فضل تميرات، فخلصتهن من النوي، وعصرت النحي فقطرته علي التمرات، ودقّقت ما کان عندي من فضل الإقط، فجعلته حيساً، فما فضل عندنا شي ء نفطر عليه غيره.

فقال لها عليّ عليه السلام: آثري به هذا الأسير المسکين الغريب.

فقامت فاطمة إلي ذلک الحيس فدفعته إلي الأسير، وباتا يتضوران علي الجوع من غير إفطار ولاعشاءٍ ولاسحور، ثمّ أصبحا صائمين حتّي أتاهما اللَّه سبحانه برزقهما عند الليل، فصبرا علي الجوع، فنزل في ذلک: «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ ي مِسْکِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا» أي: علي شدة شهوتهم له «مِسْکِينًا» قرص ملة، «وَ يَتِيمًا» حريرة، «وَ أَسِيرًا» حيساً، «إِنَّمَا نُطْعِمُکُمْ» يخبر عن ضميرهما «لِوَجْهِ اللَّهِ» يقول إرادة ما عند اللَّه من الثواب. «لَا نُرِيدُ مِنکُمْ» في الدنيا «جَزَآءً»، يعني: ثواباً «وَ لَا شُکُورًا» يقول: ثناء يثنون به علينا «إِنَّا نَخَافُ» يخبر عن ضميرهما، «مِن رَّبِّنَا يَوْمًا

[صفحه 344]

عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا» قال: العبوس: تقبّض مابين العينين من أهواله وخوفه، والقمطرير: الشديد «فَوَقَل-هُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَ لِکَ» يقول: خوف ذلک «الْيَوْمِ وَ لَقَّل-هُمْ نَضْرَةً» يقول: بهجات الجنّة «وَسُرُورًا» يقول: سرهما من قرة العين بالجنّة، «وَ جَزَلهُم» يقول: وأثابهم، «بِمَا صَبَرُواْ» علي الجوع حتّي آثروا بالطعام لأفطارهم اليتيم والمسکين والأسير، حيساً وحريراً «مَّتَّکِِينَ فِيهَا عَلَي الْأَرَآلِکِ» الأرائک: الأسرّة المرمولة بالدرّ والياقوت والزبرجد في علّيين، مضروبة عليها الحجال. «لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا» يؤذيهم حرّها «وَ لَا زَمْهَرِيرًا» يقول: لايؤذيهم برده، «وَ دَانِيَةً»: قريبة «عَلَيْهِمْ ظِلَلُهَا وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا» يقول: قربت الثمار منهم «تَذْلِيلاً»: يأکلونها قياماً وقعوداً ومتکئين ومستلقين علي ظهورهم، ليس القائم بأقدر عليها من المتّکي، وليس المتّکي بأقدر عليها من المستلقي، «وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَ نٌ»: من الوصفاء «مُّخَلَّدُونَ» قال: مسوّرون بأسورة الذهب والفضة، وقال: مخلّدون لم يذوقوا طعم الموت قطّ، وإنّما خلقوا خدماً لأهل الجنّة، «إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ» من بياضهم وحسنهم «لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا»: لکثرتهم، فشبّه بياضهم وحسنهم بالؤلؤ، وکثرتهم بالمنثور.[4] .

[صفحه 345]


صفحه 342، 343، 344، 345.








  1. .
  2. الدرّ المنثور، ج 6، ص 299.

    ورواه ابن مردويه کما في روح المعاني (ج 29، ص 157) وفتح البيان (ج 10، ص 137).

    قال الفخر الرازي في ذيل الآية من تفسيره (ج 30، ص 243): ذکر الواحدي في کتاب البسيط: أنّها نزلت في حق عليّ رضي الله عنه.

    وقال القرطبي في تفسيره (ج 19، ص 130): قال أهل التفسير: نزلت في عليّ وفاطمة- رضي اللَّه عنهما- وجارية لهما اسمها فضة. ذکره الثعلبي. وقال القرطبي: وقد ذکر النقّاش والثعلبي والقشيري، وغير واحد من المفسرين في قصة عليّ وفاطمة وجاريتهما حديثاً....

  3. سورة القصص، الآية 60.
  4. المناقب، الخوارزمي، ص 271، ح 252، قال:

    أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ سيّد الحفاظ أبومنصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي- فيما کتب إليَّ من همدان-، أخبرنا الشيخ الإمام عبدوس بن عبداللَّه بن عبدوس الهمداني- إجازةً-، أخبرنا الشريف أبوطالب المفضل بن محمّد بن طاهر الجعفري في داره بأصبهان في سکة الخوز، أخبرنا الشيخ الحافظ أبوبکر أحمد بن موسي بن مردويه بن فورک الأصبهاني....