النهروان











النهروان



1 ـ فلما بلغ عليا قتلهم عبد الله بن خباب واعتراضهم الناس ، بعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيهم وينظر ما بلغه عنهم ويکتب به إليه ولا يکتمه ، فلما دنا منهم يسائلهم قتلوه ، وأتي عليا الخبر والناس معه ، فقالوا: يا أمير المؤمنين ، علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا ؟! سر بنا إلي القوم فإذا فرغنا منهم سرنا إلي عدونا من أهل الشام[1] .

2 ـ قال أبو مخنف: حدثني مالک بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عليا أتي أهل النهر فوقف عليهم فقال: أيتها العصابة التي أخرجتها عداوة المراء واللجاجة ، وصدها عن الحق الهوي ، وطمح بها النزق ، وأصبحت في اللبس والخطب العظيم ، إني نذير لکم أن تصبحوا تفليکم الامة غدا صرعي بأثناء هذا النهر ، وبأهضام هذا الغائط ، بغير بينة من ربکم ، ولا برهان بين[2] .

3 ـ... فتنادوا [ أي الخوارج ]: لا تخاطبوهم ، ولا تکلموهم ، وتهيؤا للقاء الرب ، الرواح الرواح إلي الجنة! !

فخرج علي معبئا الناس ، فجعل علي ميمنته حجر بن عدي ، وعلي ميسرته شبث بن ربعي ـ أو معقل بن قيس الرياحي ـ ، وعلي الخيل أبا أيوب الانصاري ، وعلي الرجالة أبا قتادة الانصاري ، وعلي أهل المدينة ـ وهم سبعمائة أو ثمانمائة رجل ـ قيس بن سعد بن عبادة.

قال: وعبأت الخوارج ، فجعلوا علي ميمنتهم زيد بن حصين الطائي ، وعلي الميسرة شريح بن أوفي العبسي ، وعلي خيلهم حمزة بن سنان الاسدي ، وعلي

الرجالة حرقوص بن زهير السعدي ، ثم تنادوا: الرواح الرواح إلي الجنة! فشدوا علي الناس والخيل أمام الرجال ، فلم تثبت خيل المسلمين لشدتهم ، وافترقت الخيل فرقتين ، فرقة نحو الميمنة وأخري نحو الميسرة ، وأقبلوا نحو الرجال فاستقبلت المرامية وجوههم بالنبل ، وعطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة ، ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف ، فوالله ما لبثوهم أن أناموهم ، ثم إن حمزة بن سنان ـ صاحب خيلهم ـ لما رأي الهلاک نادي أصحابه أن انزلوا ، فذهبوا لينزلوا فلم يتقاروا حتي حمل عليهم الاسود بن قيس المرادي وجاءتهم الخيل من نحو علي فأهمدوا في الساعة[3] .

4 ـ وقد روي جماعة أن عليا کان يحدث أصحابه قبل ظهور الخوارج أن قوما يخرجون يمرقون من الدين کما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم رجل مخدج اليد. سمعوا ذلک منه مرارا ، فلما خرج أهل النهروان سار بهم إليهم علي ، وکان منه معهم ما کان ، فلما فرغ أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج فالتمسوه ، فقال بعضهم: ما نجده حتي قال بعضهم: ما هو فيهم ، وهو يقول: والله إنه لفيهم ، والله ما کذبت ولا کذبت ، ثم إنه جاءه رجل فبشره... وقيل [ إنه ] خرج في طلبه... فوجده في حفرة علي شاطئ النهر في خمسين قتيلا... فلما رآه قال: الله أکبر ، ما کذبت ولا کذبت[4] .









  1. الکامل ـ لابن الاثير ـ 3: 342.
  2. تاريخ الامم والملوک ـ تاريخ الطبري ـ 5 / 84 ، حوادث سنة 37.
  3. تاريخ الامم والملوک 5 / 85 ، ومثله في الکامل 3 / 346.
  4. الکامل ـ لابن الاثير ـ 3 / 347.