صفين والفتنة











صفين والفتنة



1 ـ فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون [ عن قول معاوية وأمره ]: يا أهل العراق ، من لذراريها إن قتلتمونا ، ومن لذراريکم إذا قتلناکم ، الله الله في البقية ، وأصبحوا قد رفعوا المصاحف علي رؤوس الرماح... ومصحف دمشق الاعظم يحمله عشرة رجال علي رؤوس الرماح وهم ينادون: کتاب الله بيننا وبينکم...

فقال علي عليه السلام: يا أيها الناس ، إني أحق من أجاب إلي کتاب الله ، ولکن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وابن أبي سرح وابن مسلمة ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن...

فجاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد ، شاکي السلاح ، سيوفهم علي عواتقهم ، وقد اسودت جباههم من السجود ، يتقدمهم مسعر بن مذکي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد ، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين: يا علي ، أجب القوم إلي کتاب الله إذ دعيت إليه وإلا قتلناک[1] .

2 ـ إن عليا عليه السلام لما دخل الکوفة ودخلها معه کثير من الخوارج ، وتخلف منهم بالنخيلة وغيرها خلق کثير لم يدخلوها ، فدخل حرقوص بن زهير السعدي وزرعة بن البرج الطائي ـ وهما من رؤوس الخوارج ـ علي علي عليه السلام فقال له ـ حرقوص: تب من خطيئتک واخرج بنا إلي معاوية نجاهده! فقال له علي عليه السلام: إني کنت نهيتکم عن الحکومة فأبيتم ، ثم الان تجعلونها ذنبا...! ؟ أما إنها ليست بمعصية ، ولکنها عجز من الرأي ، وضعف عن التدبير ، وقد نهيتکم عنه ، فقال زرعة: أما والله لئن لم تتب من تحکيمک لاقتلنک[2] .

3 ـ حدثنا أبو کريب ، قال: حدثنا ابن إدريس ، قال: سمعت إسماعيل ابن سميع الحنفي ، عن أبي رزين ، قال: لما وقع التحکيم ورجع علي من صفين رجعوا مباينين له ، فلما أنتهوا إلي النهر أقاموا به ، فدخل علي في الناس الکوفة ونزلوا بحروراء[3] .









  1. شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 2 / 217.
  2. شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد المعتزلي ـ 2 / 268 ، ومثله في تاريخ الطبري 5 / 52 ، ولکنه أورد: قاتلتک ، وکذا في الکامل 3 / 334.
  3. تاريخ الطبري 4 / 54.