معذرة اخري لابن عمر











معذرة اخري لابن عمر



ولابن عمر معذرة اخري، أخرج أبونعيم في الحلية 292:1 من طريق نافع عن ابن عمر انه أتاه رجل فقال: يا أبا عبدالرحمن؟ أنت ابن عمر وصاحب رسول

[صفحه 56]

الله صلي الله عليه وآله فما يمنعک من هذا الامر؟ قال: يمنعني أن الله تعالي حرم علي دم المسلم قال: فإن الله عزوجل يقول: قاتلوهم حتي لا تکون فتنة ويکون الدين لله. قال: قد فعلنا وقد قاتلناهم حتي کان الدين لله، فأنتم تريدون أن تقاتلوا حتي يکون الدين لغير الله.

وأخرج في الحلية 1 ص 294 من طريق القاسم بن عبدالرحمن: انهم قالوا لابن عمر في الفتنة الاولي: ألا تخرج فتقاتل؟ فقال: قد قاتلت والانصاب بين الرکن والباب حتي نفاها الله عزوجل من أرض العرب، فأنا أکره أن اقاتل من يقول لا إله إلا الله.

دع ابن عمر يحسب نفسه أفقه من کل الصحابة من المهاجرين الاولين والانصار الذين باشروا الحرب مع أميرالمؤمنين عليه السلام في تلکم المعامع، ولکن هل کان يجد نفسه أفقه من رسول الله صلي الله عليه وآله حيث أمر أصحابه بمناصرة مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام فيها، وأمره صلوات الله عليه بمباشرة هاتيک الحروب الدامية ونهي عن التثبط عنها.

وهل کان صلي الله عليه وآله يعلم أن المقاتلين من الفئتين من أهل لا إله إلا الله فأمر بالمقاتلة مع علي عليه السلام؟ أو عزب عنه علم ذلک فأمر باراقة دماء المسلمين؟ غفرانک اللهم.

وهل علم صلي الله عليه وآله بأن نتيجة ذلک القتال أن يکون الدين لغير الله فحض عليه؟ أو فاته ذلک لکن علمه ابن عمر فتجنبه؟ أعوذ بالله من شطط القول. وما أشبه اعتذار ابن عمر اعتذار أبيه يوم أمره رسول الله صلي الله عليه وآله بقتل ذي الثدية رأس الخوارج فما قتله واعتذر بأنه وجده متخشعا واضعا جبهته لله. راجع الجزء السابع ص 216.

ثم إن کون الدين لغير الله هل کان من ناحية مولانا أميرالمؤمنين علي وکان هو وأصحابه يريدونه؟ أو من ناحية مناوئيه ومن بغي عليه من الفئة الباغية؟ والاول لا يتفق مع ما جاء في الکتاب الکريم والسنة الشريفة في حق الامام علي عليه السلام وفي مواليه وتابعيه ومناوئيه، وفي خصوص الحروب الثلاث، کما هو مبثوث في مجلدات کتابنا هذا، وإن ذهل أو تذاهل عنها إبن عمر.

وإن کان يريد الثاني فلماذا بايع معاوية بعد أن تقاعد عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام؟ هذه أسئلة ووجوه لا أدري هل يجد ابن عمر عنها جوابا في محکمة العدل الالهي؟

[صفحه 57]

لا أحسب، ولعله يتخلص عنها بضئولة العقل المسقط للتکليف.

وأعجب من هذه کلها ما جاء به أبونعيم في الحلية 309:1 من قول ابن عمر: إنما کان مثلنا في هذه الفتنة کمثل قوم کانوا يسيرون علي جادة يعرفونها فبينما هم کذلک إذ غشيتهم سحابة وظلمة، فأخذ بعضهم يمينا وشمالا فأخطأ الطريق، وأقمنا حيث أدرکنا ذلک حتي جلي الله ذلک عنا فأبصرنا طريقنا الاول فعرفنا وأخذنا فيه، إنها هؤلاء فتيان قريش يقتتلون علي هذا السلطان وعلي هذه الدنيا، ما ابالي أن لا يکون لي ما يقتل[1] بعضهم بعضا بنعلي هاتين الجرداوين.

ليت شعري متي غشيت الامة سحابة وظلمة فأقام الرجل حيث أدرک ذلک؟

أعلي العهد النبوي وهو أصفا أدوار الجو الديني؟ أم في دور الخلافة؟ وقد بايع الرجل شيخ تيم وأباه، وهما عنده خيرا خلق الله واحدا بعد واحد، فلا يري فيه غشيان الظلمة أو قبول السحابة، واعطف علي ذلک أيام عثمان فقد بايعه ولم يتسلل عنه حتي يوم مقتله کما مر في ص 23 من هذا الجزء، فلم تکن أيام عثمان عنده أيام ظلمة وسحابة وإن کان من ملقحي فتنتها بما ارتآه، فلم يبق إلا عهد الخلافة العلوية وملک معاوية بن أبي سفيان. أما معاوية فقد بايعه الرجل طوعا ورغبة وإن رآه رسول الله صلي الله عليه وآله ملکا عضوضا ولعن صاحبه. وبايع يزيد بن معاوية بعد ما أخذ مائة ألف من معاوية، فلم يبق دور ظلمة عنده إلا أيام خلافة خير البشر سيد الامة مولانا امير المؤمنين علي عليه السلام، وفيها أخذ بعضهم يمينا وشمالا فأخطأ الطريق، وکانت الادوار مجلاة قبل ذلک و بعده أيام إمارة معاوية ويزيد وعبدالملک والحجاج، فقد أبصر الرجل طريقه المهيع الاول عند ذلک فعرفه وأخذ فيه وبايعهم.

وهل هنا من يسائل الرجل عن الذين أخطأوا الطريق ببيعتهم وانحيازهم؟ هل هم الذين بايعوا أميرالمؤمنين عليه السلام؟ وهم الصحابة العدول والبدريون من المهاجرين والانصار، والامة الصالحة من التابعين من رجالات المدينة المشرفة وغيرها من الامصار الاسلامية. أو الذين أکبوا علي تلکم الايدي العادية فبايعوها؟ من طغام الشام، سفلة الاعراب، وبقية الاحزاب، وأهل المطامع والشره. فيري هل تحدوه القحة والصلف إلي

[صفحه 58]

أن يقول بالاول؟ ونصب عينه قول رسول الله صلي الله عليه وآله: إن تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلک بکم الطريق المستقيم.

وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: إن تؤمروا عليا ولا أراکم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يسلک بکم الطريق المستقيم.

وقوله صلي الله عليه وآله: إن تستخلفوا عليا وما أراکم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يحملکم علي المحجة البيضاء. إلي أحاديث اخري أو عزنا إليها في الجزء الاول ص 12.

أو أن النصفة تلقي علي روعه فينطق وهو لا يشعر بما يقول فيقول بالثاني فينقض ما ارتکبه من بيعة القوم جميعا؟.

ثم إن من غريب المعتقد ما ارتئاه من أن فتيان قريش کانوا يقتتلون علي السلطان ويبغون بذلک حطام الدنيا وهو يعلم أن لهذا الحسبان شطرين، فشطر لعلي أميرالمؤمنين وأصحابه، وهو الذي کانت الدنيا عنده کعفطة عنز کما لهج به صلوات الله عليه وصدق الخبر الخبر، وکانت نهضته تلک بأمر من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وعهد منه إليه وإلي أصحابه کما تقدم في هذا الجزء والجزء الثالث.

وشطر لطلحة والزبير ولمعاوية، أما الاولان فيعرب عن مرماهما قول مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام في خطبة له: کل واحد منهما يرجو الامر له ويعطفه عليه دون صاحبه لا يمتان إلي الله بحبل، ولا يمدان إليه بسبب، کل واحد منهما حامل ضب لصاحبه، وعما قليل يکشف قناعه به، والله لئن أصابوا الذي يريدون لينزعن هذا نفس هذا، و ليأتين هذا علي هذا، قد قامت الفئة الباغية فأين المحتسبون؟.

ولما خرج طلحة والزبير وعائشة إلي البصرة جاء مروان بن الحکم إلي طلحة و الزبير وقال: علي أيکما اسلم بالامارة، وانادي بالصلاة؟ فسکتا، فقال عبدالله بن الزبير: علي أبي. وقال محمد بن طلحة: علي أبي. فأرسلت عائشة إلي مروان: أتريد أن ترمي الفتنة بيننا؟ أو قالت: بين أصحابنا، مروا ابن اختي فليصل بالناس. يعني عبدالله بن الزبير. مرآة الجنان لليافعي 95:1 وأما معاوية فهو الذي صدق فيه ظنه بل تنجز يقينه، وقد عرفه بذلک أصحاب محمد صلي الله عليه وآله وسلم وتعرفه إياک بغايته الوحيدة ونفسيته الذميمة کلماتهم، وابن عمر لا يصيخ

[صفحه 59]

إليها وقد أصمه وأعماه حب العبشميين، فاتبع هواه وأضله، وإليک نمازج من تلکم الکلم:

1- قال هاشم المرقال مخاطبا أميرالمؤمنين عليا عليه السلام: سر بنا يا أميرالمؤمنين إلي هؤلاء القوم القاسية قلوبهم الذين نبذوا کتاب الله وراء ظهورهم، وعملوا في عباد الله بغير رضا الله، فاحلوا حرامه، وحرموا حلاله، واستهوي بهم الشيطان، ووعدهم الاباطيل، ومناهم الاماني حتي أزاغهم عن الهوي، وقصد بهم قصد الردي، وحبب إليهم الدنيا، فهم يقاتلون علي دنياهم رغبة فيها کرغبتنا في الآخرة؟. إلخ.

کتاب صفين ص 125، شرح ابن ابي الحديد 282:1، جمهرة الخطب 151:1.

2- ومن کلام لهاشم المرقال ايضا: يا أميرالمؤمنين فانا بالقوم جد خبير، هم لک ولاشياعک أعداء، وهم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء، وهم مقاتلوک ومجادلوک، لا يبقون جهدا مشاحة علي الدنيا، وضنا بما في أيديهم منها، ليس لهم إربة غيرها إلا ما يخدعون به الجهال من طلب دم ابن عفان، کذبوا ليسوا لدمه ينفرون، ولکن الدنيا يطلبون. کتاب ابن مزاحم ص 103، شرح ابن ابي الحديد 278:1.

3- من خطبة ليزيد بن قيس الارحبي: إن المسلم من سلم دينه ورأيه، وإن هؤلاء القوم والله ما إن يقاتلوننا علي إقامة دين رأونا ضيعناه، ولا علي إحياء حق رأونا أمتناه، ولا يقاتلوننا إلا علي هذه الدنيا ليکونوا فيها جبابرة وملوکا، ولو ظهروا عليکم)لا أراهم الله ظهورا وسرورا- إذن لوليکم مثل سعيد[2] والوليد[3] وعبدالله بن عامر[4] السفيه يحدث أحدهم في مجلسه بذيت وذيت، ويأخذ ماله الله ويقول: لا إثم علي فيه، کانما اعطي تراثه من أبيه. کيف؟ إنما هو مال الله أفاءه علينا بأسيافنا ورماحنا، قاتلوا عباد الله القوم الظالمين الحاکمين بغير ما أنزل الله، ولا تأخذکم فيهم لومة لائم، إنهم إن يظهروا عليکم يفسدوا عليکم دينکم ودنياکم، وهم من قد عرفتم وجربتم، والله ما أرادوا باجتماعهم عليکم إلا شرا، واستغفر الله العظيم لي ولکم.

[صفحه 60]

کتاب صفين ص 279، تاريخ الطبري 10:6، شرح ابن ابي الحديد 485:1.

4- من مقال لعمار بن ياسر بصفين: إمضوا معي عباد الله إلي قوم يطلبون فيما يزعمون بدم الظالم لنفسه، الحاکم علي عباد الله بغير ما في کتاب الله، إنما قتله الصالحون المنکرون للعدوان، الآمرون بالاحسان. فقال هؤلاء الذين لا يبالون إذا سلمت لهم دنياهم ولو درس هذا الدين: لم قتلتموه؟ فقلنا: لاحداثه. فقالوا: إنه ما أحدث شيئا وذلک لانه مکنهم من الدنيا فهم يأکلونها ويرعونها ولا يبالون لو انهدت عليهم الجبال، والله ما أظنهم يطلبون دمه انهم ليعلمون انه لظالم، ولکن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبوها واستمروها، وعلموا لو ان صاحب الحق لزمهم لحال بينهم وبين ما يأکلون ويرعون فيه منها، ولم يکن للقوم سابقة في الاسلام يستحقون بها الطاعة والولاية، فخدعوا أتباعهم بأن قالوا: قتل إمامنا مظلوما. ليکونوا بذلک جبابرة وملوکا، وتلک مکيدة قد بلغوا بها ما ترون، ولولا هي ما بايعهم من الناس رجلان.

کتاب صفين ص 361، تاريخ الطبري 21:6، شرح ابن ابي الحديد 504:1، الکامل لابن الاثير 123:3، تاريخ ابن کثير 266:7 واللفظ لابن مزاحم.

5- من خطبة لعبدالله بن بديل بن ورفاء الخزاعي: يا أميرالمؤمنين إن القوم لو کانوا الله يريدون، ولله يعملون، ما خالفونا، ولکن القوم إنما يقاتلوننا فرارا من الاسوة وحبا للاثرة، وضنا بسلطانهم، وکرها لفراق دنياهم التي في أيديهم، وعلي إحن في نفوسهم، وعداوة يجدونها في صدورهم لوقائع أوقعتها يا أميرالمؤمنين بهم قديمة، قتلت فيها آباءهم وإخوانهم.

کتاب صفين ص 114، شرح ابن ابي الحديد 281:1، جمهرة الخطب 148:1.

6- من کلام لشبث بن ربعي مخاطبا معاوية: إنه والله لا يخفي علينا ما تغزو ما تطلب. إلي آخر ما يأتي في هذا الجزء.

7- قال وردان غلام عمرو بن العاص له: اعترکت الدنيا والآخرة علي قلبک، فقلت: علي معه الآخرة في غير دنيا، وفي الآخرة عوض من الدنيا، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة، وليس في الدنيا عوض الآخرة. فقال عمرو:


يا قاتل الله وردانا وفتنته
أبدي لعمرک ما في النفس وردان

[صفحه 61]

لما تعرضت الدنيا عرضت لها
بحرص نفسي وفي الاطباع ادهان


نفس تعف واخري الحرص يقلبها
والمرء يأکل تبنا وهو غرثان


أما علي فدين ليس يشرکه
دنيا وذاک له دنيا وسلطان


فاخترت من طمعي دنيا علي بصر
وما معي بالذي أختار برهان


إلي آخر أبيات مرت في ج 128:2، ومر لعمرو بن العاص قوله:


معاوي لا أعطيک ديني ولم أنل
بذلک دنيا فانظرن کيف تصنع


فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة
أخذت بها شيخا يضر وينفع


وما الدين والدنيا سواء وإنني
لآخذ ما تعطي ورأسي مقنع


إلي آخر ما أسلفناه في ج 44:2.

8- من کتاب لمحمد بن مسلمة الانصاري إلي معاوية: وأما أنت فلعمري ما طلبت إلا الدنيا، ولا اتبعت إلا الهوي. فإن تنصر عثمان ميتا فقد خذلته حيا. کتاب صفين ص 86.

9- قال نصر: لما اشترطت عک والاشعرون علي معاوية ما اشترطوا من الفريضة والعطاء فأعطاهم[5] لم يبق من أهل العراق أحد في قلبه مرض إلا طمع في معاوية وشخص بصره إليه حتي فشا ذلک في الناس، وبلغ ذلک عليا فساءه، وجاء المنذر بن أبي حميصة الوادعي[6] وکان فارس همدان وشاعرهم فقال: يا أميرالمؤمنين؟ إن عکا والاشعريون طلبوا إلي معاوية الفرائض والعطاء فأعطاهم، فباعوا الدين بالدنيا، وإنا رضينا بالآخرة من الدنيا، وبالعراق من الشام، وبک من معاوية، والله لآخرتنا خير من دنياهم، ولعراقنا خير من شامهم، ولامامنا أهدي من إمامهم، فاستفتحنا بالحرب، وثق منا بالنصر، واحملنا علي الموت. ثم قال في ذلک:


إن عکا سالوا الفرائض والاش
عر سالوا جوائزا بثنيه[7] .

[صفحه 62]

ترکوا الدين للعطاء وللفر
ض فکانوا بذاک شر البريه


وسألنا حسن الثواب من الله
وصبرا علي الجهاد ونيه


فلکل ما ساله ونواه
کلنا يحسب الخلاف خطيه


ولاهل العراق أحسن في الحر
ب إذا ما تدانت السمهريه


ولاهل العراق أحمل للثق د
ل إذا عمت العباد بليه


ليس منا من لم يکن لک في
الله وليا ياذا الولا والوصيه


فقال علي: حسبک رحمک الله، وأثني عليه خيرا وعلي قومه. وانتهي شعره إلي معاوية فقال معاوية: والله لاستميلن بالاموال ثقات علي، ولا قسمن فيهم المال حتي تغلب دنياي آخرته.

کتاب صفين ص 495، شرح ابن ابي الحديد 293:2.

1- من کتاب لمولانا أميرالمؤمنين إلي معاوية: واعلم يا معاوية؟ أنک قد ادعيت أمرا لست من أهله لا في القدم ولا في الولاية، ولست تقول فيه بأمر بين تعرف لک به أثرة، ولا لک عليه شاهد من کتاب الله، ولا عهد تدعيه من رسول الله، فکيف أنت صانع؟ إذا انقشعت عنک جلابيب ما أنت فيه من دنيا أبهجت بزينتها، ورکنت إلي لذتها، وخلي فيها بينک وبين عدو جاهد ملح، مع ما عرض في نفسک، من دنيا قد دعتک فأجبتها، وقادتک فاتبعتها، وأمرتک فأطعتها، فاقعس عن هذا الامر، وخذ اهبة الحساب، فإنه يوشک أن يقفک واقف علي ما لا يجنک منه مجن، ومتي کنتم يا معاوية ساسة للرعية؟ أو ولاة لامر هذه الامة بغير قدم حسن؟ ولا شرف سابق علي قومکم، فشمر لما قد نزل بک، ولا تمکن الشيطان من بغيته فيک، مع أني أعرف ان الله ورسوله صادقان، فنعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء، وإلا تفعل أعلمک ما أغفلک من نفسک، فإنک مترف قد أخذ منک الشيطان مأخذه، فجري منک مجري الدم في العروق.

کتاب صفين ص 122، نهج البلاغة 10:2، شرح ابن أبي الحديد 410:3.

11- روي: ان الحسن بن علي رضي الله عنهما قال لحبيب[8] بن مسلمة في

[صفحه 63]

بعض خرجاته بعد صفين: يا حبيب رب مسير لک في غير طاعة الله. فقال له حبيب: أما إلي أبيک فلا. فقال له الحسن: بلي والله ولقد طاوعت معاوية علي دنياه وسارعت في هواه، فلئن کان قام بک في دنياک لقد قعد بک في دينک، فليتک إذا أسأت الفعل أحسنت القول فتکون کما قال الله تعالي: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا.

ولکنک کما قال الله تعالي: بل ران علي قلوبهم ما کانوا يسکبون[9] .

12- قال القحذمي: لما قدم معاوية المدينة، قال: أيها الناس؟ ان أبا بکر رضي الله عنه لم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما عثمان فنال منها ونالت منه، وأما أنا فمالت بي وملت بها، وأنا ابنها وهي امي وأنا ابنها، فإن لم تجدوني خيرکم فأنا خير لکم. العقد الفريد 300:2. إلي کلمات اخري تعرب عن مدي غايات معاوية وترکاضه وراء حطام الدنيا وملکها العضوض.


صفحه 56، 57، 58، 59، 60، 61، 62، 63.








  1. في تعليق الحلية: المعني ما يقتل بعضهم بعضا عليه والله أعلم.
  2. سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن امية والي معاوية علي المدينة.
  3. الوليد بن عقبة السکير اخو عثمان لامه.
  4. عبدالله بن عامر ولاه معاوية علي البصرة ثلاث سنين.
  5. اشترطوا علي معاوية أن يجعل لهم فريضة ألفي رجل في الفين الفين، ومن هلک فابن عمه مکانه (کتاب صفين 493).
  6. الوادعي: نسبة إلي وادعة: بطن من همدان.
  7. البثنية: منسوبة إلي قرية بالشام بين دمشق وأذرعات، واليها تنسب الحنطة البثنية، وهي أجود أنواع الحنطة.
  8. نزيل الشام کان مع معاوية في حروبه.
  9. الاستيعاب 123:1.