وفد معاوية إلي الامام











وفد معاوية إلي الامام



وبعث معاوية إلي علي حبيب بن مسلمة الفهري، وشرحبيل بن السمط، ومعن بن يزيد بن الاخنس فدخلوا عليه وتکلم حبيب فحمد الله وأثني عليه ثم قال:

أما بعد: فإن عثمان بن عفان رضي الله عنه کان خليفة مهديا، يعمل بکتاب الله عزوجل، وينيب إلي أمر الله تعالي، فاستثقلتم حياته، واستبطأتم وفاته، فعدوتم عليه فقلتموه رضي الله عنه، فادفع إلينا قتلة عثمان إن زعمت أنک لم تقتله نقتلهم به، ثم اعتزل أمر الناس، فيکون أمرهم شوري بينهم، يولي الناس أمرهم من أجمع عليه رأيهم.

فقال له علي بن أبي طالب: وما أنت لا ام لک والعزل، وهذا الامر؟ اسکت فإنک لست هناک ولا بأهل له. فقال وقال له: والله لتريني بحيث تکره. فقال علي: و ما أنت ولو أجلبت بخيلک ورجلک؟ لا أبقي الله عليک إن أبقيت علي، أحقرة وسوءا؟ اذهب فصوب وصعد ما بدا لک.

وقال شرحبيل: إني إن کلمتک فلعمري ما کلامي إلا مثل کلام صاحبي قبل، فهل عندک جواب غير الذي أجبته به؟ فقال علي: نعم، لک ولصاحبک جواب غير الذي أجبته به. فحمد الله وأثني عليه ثم قال:

أما بعد: فإن الله جل ثناؤه بعث محمد صلي الله عليه وسلم بالحق، فأنقذ به من الضلالة، و انتاش به من الهلکة، وجمع من الفرقة، ثم قبضه الله إليه، وقد أدي ما عليه صلي الله عليه وسلم ثم استخلف الناس أبا بکر رضي الله عنه، واستخلف أبوبکر عمر رضي الله عنه، فأحسنا السيرة، وعدلا في الامة، وقد وجدنا عليهما أن توليا علينا، ونحن آل رسول الله صلي الله عليه وسلم فغفرنا ذلک لهما، وولي عثمان رضي الله عنه فعمل بأشياء عابها الناس عليه، فساروا إليه فقتلوه، ثم أتاني الناس وأنا معتزل امورهم، فقالوا لي: بايع. فأبيت عليهم، فقالوا لي: بايع، فإن الامة لا ترضي إلا بک، وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس، فبايعتهم، فلم يرعني إلا شقاق رجلين قد بايعاني، وخلاف معاوية الذي لم يجعل الله عزوجل له سابقة في الدين، ولا سلف صدق في الاسلام، طليق ابن طليق، حزب من هذه الاحزاب، لم يزل

[صفحه 314]

لله عزوجل ولرسوله صلي الله عليه وسلم وللمسلمين عدوا، هو وأبوه، حتي دخلا في الاسلام کارهين فلا غرو إلا خلافکم معه، وانقيادکم له، وتدعون آل نبيکم صلي الله عليه وسلم الذين لا ينبغي لکم شقاقهم ولا خلافهم، ولا أن تعدلوا بهم من الناس أحدا، إلا إني أدعوکم إلي کتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم وإماتة الباطل، وإحياء معالم الدين، أقول قولي هذا، و استغفر الله لي ولکم ولکل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة.

فقالا: اشهد أن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما. فقال لهما: لا أقول: إنه قتل مظلوما، ولا أنه قتل ظالما. قالا: فمن لم يزعم ان عثمان قتل مظلوما فنحن منه برآء.

ثم قاما فانصرفا، فقال علي: إنک لا تسمع الموتي ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين، وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم، إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون.[1] .


صفحه 314.








  1. تاريخ الطبري 4:6، الکامل لابن الاثير 125:3، تاريخ ابن کثير 258:7.