وفد علي الاول











وفد علي الاول



أوفد الامام عليه السلام في أول ذي الحجة سنة 36 بشير بن عمرو بن محصن الانصاري، وسعيد بن قيس الهمداني، وشبث بن ربعي التميمي علي معاوية وقال: ائتوا هذا الرجل فادعوه إلي الله، وإلي الطاعة والجماعة. فأتوه ودخلوا عليه فتکلم بشير بن عمرو فحمد الله وأثني عليه وقال: يا معاوية: إن الدنيا عنک زائلة، وإنک راجع إلي الآخرة، وإن الله عزوجل محاسبک بعملک، وجازيک بما قدمت يداک، وإني انشدک الله عزوجل أن تفرق جماعة هذه الامة، وأن تسفک دماءها بينها.

فقطع عليه الکلام وقال: هلا اوصيت بذلک صاحبک؟ فقال بشير: إن صاحبي ليس مثلک، إن صاحبي أحق البرية کلها بهذا الامر في الفضل، والدين، والسابقة في الاسلام والقرابة من رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال: فيقول ماذا؟ قال: يأمرک بتقوي الله عزوجل، و إجابة ابن عمک إلي ما يدعوک إليه من الحق، فإنه أسلم لک في دنياک، وخير لک في عاقبة أمرک.

قال معاوية: ونطل دم عثمان رضي الله عنه؟ لا والله لا أفعل ذلک أبدا. فتکلم شبث بن ربعي فحمد الله وأثني عليه وقال:

يا معاوية إني قد فهمت ما رددت علي إبن محصن، إنه والله ما يخفي علينا ما تغزو وما تطلب، إنک لم تجد شيئا تستغوي به الناس، وتستميل به أهواءهم، وتستخلص به طاعتهم، إلا قولک: «قتل إمامکم مظلوما فنحن نطلب بدمه» فاستجاب له سفهاء طغام،

[صفحه 308]

وقد علمنا أنک قد أبطأت عنه بالنصر، وأحببت له القتل، لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب ورب متمني أمر وطالبه، ألله عزوجل يحول دونه بقدرته، وربما اوتي المتمني امنيته وفوق امنيته، ووالله مالک في واحدة منهما خير، لئن أخطأت ما ترجو، إنک لشر العرب حالا في ذلک، ولئن أصبت ما تمني لا تصيبه حتي تستحق من ربک صلي النار، فاتق الله يا معاوية ودع ما أنت عليه، ولا تنازع الامر أهله.

فتکلم معاوية وکان من کلامه: فقد کذبت ولومت أيها الاعرابي الجلف الجافي في کل ما ذکرت ووصفت، انصرفوا من عندي، فإنه ليس بيني وبينکم إلا السيف، وغضب وخرج القوم وأتوا عليا وأخبروه بالذي کان من قوله[1] .


صفحه 308.








  1. تاريخ الطبري 242:5، الکامل لابن الاثير 122:3، تاريخ ابن کثير 256:7.