هنات وهنابث في ميزان ابن هند











هنات وهنابث في ميزان ابن هند



1- لما قتل نعيم بن صهيب بن العلية فأتي ابن عمه وسميه نعيم بن الحارث بن العلية معاوية، وکان معه، فقال: إن هذا القتيل ابن عمي فهبه لي أدفنه. فقال: لا ندفنهم فليسوا أهلا لذلک، فوالله ما قدرنا علي دفن عثمان معهم إلا سرا قال: والله لتأذنن في دفنه أو لا لحقن بهم ولادعنک. فقال له معاوية: ويحک تري أشياخ العرب لا تواريهم وأنت تسألني دفن ابن عمک. ثم قال له: ادفنه إن شئت أودع. فأتاه فدفنه[1] .

2- لما قتل عبدالله بن بديل أقبل إليه معاوية و عبدالله بن عامر حتي وقفا عليه، فأما عبدالله فألقي عمامته علي وجهه وترحم عليه وکان صديقه، فقال معاوية:

[صفحه 288]

اکشف عن وجهه فقال: لا والله لا يمثل به وفي روح. فقال معاوية: اکشف عن وجهه فانا لا نمثل به فقد وهبته لک[2] وذکر النسابة أبوجعفر البغدادي في (المحبر) ص 479 مما کتبه معاوية إلي زياد بن سلمة: من کان علي دين علي ورأيه فاقتله وامثل به يأتي الحديث بتمامه.

3- قد کان معاوية (يوم صفين) نذر في سبي نساء ربيعة وقتل المقاتلة فقال في ذلک خالد بن المعمر:


تمني ابن حرب نذرة في نسائنا
ودون الذي ينوي سيوف قواضب


ونمنح ملکا أنت حاولت خلعه
بني هاشم قول امرئ غير کاذب[3] .


4- ذکر الباوردي ان عمير بن قرة الليثي الصحابي ممن شهد صفين من الصحابة، وکان شديدا علي معاوية وأهل الشام حتي حلف معاوية لئن ظفر به ليذيبن الرصاص في اذنيه[4] .

هذه هنات موبقة ومحظورات مسلمة من بوائق ابن هند الکثيرة قد ارتکبها أو صمم أن يقترفها في صفين، فهل من الدين الحنيف منعه عن دفن من قتل تحت راية الحق مع أميرالمؤمنين عليه السلام مع وجوب الاسراع في دفن کل مؤمن؟ فهل کان اولئک الصلحاء من الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان عند معاوية خارجين عن الدين؟ أو أنه کان يتبع فيهم هواه المردي، ويشفي بذلک غيظه منهم علي نصرتهم الحق؟ وکم عند معاوية من مخازي أمثال هذه تقع عن الدين المبين بمعزل؟!.

أفهل تسوغ مثلة المسلم المخالف هواه هوي ابن آکلة الاکباد؟ والمثلة محرمة حتي بالحيوان حتي بالکلب العقور[5] فکيف بصلحاء المؤمنين؟ وقد لعن رسول الله صلي الله عليه وآله من مثل بالحيوان[6] .

[صفحه 289]

وقد جاء حديث النهي عن المثلة من طريق علي أميرالمؤمنين، وأنس وابن عمر، وعبدالله بن يزيد الانصاري، وسمرة بن جندب، وزيد بن خالد، وعمران بن حصين، ومغيرة بن شعبة، والحکم بن عمير، وعائذ بن قرط، وأبي أيوب الانصاري، ويحيي ابن أبي کثير، وأسماء بنت أبي بکر.

وأحاديثهم مبثوثة في صحيحي البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، والسنن الکبري للبيهقي، ومسند أحمد، ومعجم الطبراني. راجع نصب الراية للزيلعي 118:3 تا 121. فما المسوغ عندئذ لابن هند مثلة من کان علي دين علي ورأيه، ودينه هو دين محمد الذي جاء بالاسلام المقدس؟

وهل ينعقد نذر المعصية بسبي نساء ربيعة المسلمات إن تغلب عليهم لولاء بعولتهن عليا أميرالمؤمنين؟ وهو محرم في شرع الاسلام، ولا ينعقد النذر إلا في طاعة ولا أقل من الرجحان في متعلق النذر کما مر بيانه في الجزء الثامن ص 79 ط 1، فبأي کتاب أم باية سنة يسوغ هذا النذر لصاحبه إن کان من أهلهما، ويسع له أن يقول: لله علي کذا؟.

وهل يجوز في شرع الاسلام اليمين باذابة الرصاص في اذن مسلم صحابي عادل لا يتبع أهواء معاوية، ولا يخبت إلي ضلالاته؟ وهل کان يحلف الرجل بإله محمد وعلي صلوات الله عليهما وآلهما وهما وربهما برآء عن مثل هذا الحلف وصاحبه؟ أو کان يقصد إله آبائه دعائم الشرک وعبدة (هبل) حملة الاوزار المستوجبين النار؟ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.


صفحه 288، 289.








  1. کتاب صفين لابن مزاحم ص 293 ط مصر، تاريخ الطبري 14:6، شرح ابن ابي الحديد 489:1.
  2. کتاب صفين ص 277 ط مصر، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 486:1.
  3. کتاب صفين ص 231 ط مصر.
  4. الاصابة لابن حجر 35:3.
  5. أخرجه الطبراني من طريق علي امير المؤمنين وذکره الزيلعي في نصب الراية 120:3، والسرخسي في شرح السير الکبير 78:1.
  6. أخرجه البخاري في صحيحه باب ما يکره من المثلة من طريق ابن عمر.