سعيد بن عثمان سنة خمس وخمسين











سعيد بن عثمان سنة خمس وخمسين



سأل سعيد بن عثمان معاوية أن يستعمله علي خراسان فقال: إن بها عبيدالله بن زياد[1] فقال: أما لقد اصطنعک أبي ورفاک حتي بلغت باصطناعه المدي الذي لا يجاري إليه ولا يسامي، فما شکرت بلاءه ولا جازيته بآلائه، وقدمت علي هذا- يعني يزيد بن معاوية- وبايعت له ووالله لانا خير منه أبا واما ونفسا. فقال معاوية: أما بلاء أبيک فقد يحق علي الجزاء به، وقد کان من شکري لذلک اني طلبت بدمه حتي تکشفت الامور: ولست بلائم لنفسي في التشمير، وأما فضل أبيک علي أبيه فأبوک والله خير مني وأقرب برسول الله صلي الله عليه وسلم، وأما فضل امک علي امه فما ينکر امرأة من قريش خير من امرأة من کلب، وأما فضلک عليه فوالله ما احب أن الغوطة دحست ليزيد رجالا مثلک فقال له يزيد: يا أميرالمؤمنين إبن عمک وأنت أحق من نظر في أمره وقد عتب عليک لي فأعتبه.[2] .

وفي لفظ ابن قتيبة: فلما قدم معاوية الشام أتاه سعيد بن عثمان بن عفان، وکان شيطان قريش ولسانها قال: يا أميرالمؤمنين علي م تبايع ليزيد وتترکني؟ فوالله لتعلم أن أبي خير من أبيه، وامي خير من امه، وأنا خير منه، وإنک إنما نلت ما أنت فيه بأبي. فضحک معاوية وقال: يا ابن أخي أما قولک: إن أباک خير من أبيه. فيوم من

[صفحه 235]

عثمان خير من معاوية. وأما قولک: إن امک خير من امه ففضل قرشية علي کلبية فضل بين. وأما أن أکون نلت ما أنا فيه بأبيک فإنما هو الملک يؤتيه الله من يشاء، قتل أبوک رحمه الله فتواکلته بنو العاصي وقامت فيه بنو حرب، فنحن أعظم بذلک منة عليک، و أما تکون خيرا من يزيد فوالله ما احب ان داري مملوءة رجالا مثلک بيزيد، ولکن دعني من هذا القول وسلني اعطک. فقال سعيد بن عثمان بن عفان: يا أميرالمؤمنين لا يعدم يزيد مزکيا ما دمت له، وما کنت لارضي ببعض حقي دون بعض، فإذا أبيت فاعطني مما أعطاک الله. فقال معاوية: لک خراسان؟ قال سعيد: وما خراسان؟ قال: إنها لک طعمة وصلة رحم. فخرج راضيا وهو يقول:


ذکرت أميرالمؤمنين وفضله
فقلت: جزاه الله خيرا بما وصل


وقد سبقت مني إليه بوادر
من القول فيه آية العقل والزلل


فعاد أميرالمؤمنين بفضله
وقد کان فيه قبل عودته ميل


وقال: خراسان لک اليوم طعمة
فجوزي أميرالمؤمنين بما فعل


فلو کان عثمان الغداة مکانه
لما نالني من ملکه فوق ما بذل


فلما انتهي قوله إلي معاوية أمر يزيد أن يزوده وأمر إليه بخلعة وشيعه فرسخا[3] .

قال ابن عساکر في تارخيه 155:6: کان أهل المدينة يحبون سعيدا ويکرهون يزيد، فقدم علي معاوية فقال له: يا ابن أخي ما شيئ يقوله أهل المدينة؟ قال: ما يقولون؟ قال: قولهم:


والله لا ينالها يزيد
حتي يعض هامه الحديد


إن الامير بعده سعيد

قال: ما تنکر من ذلک يا معاوية؟ والله إن أبي لخير من أبي يزيد، ولامي خير من امه، ولانا خير منه، ولقد استعملناک فما عزلناک بعد، ووصلناک فما قطعناک، ثم صار في يديک مافد تري فحلاتنا عنه أجمع. فقال له: أما قولک. الحديث.

[صفحه 236]

وقال: حکي الحسن بن رشيق قصة سعيد مع معاوية بأطول مما مر (ثم ذکر حکاية ابن رشيق) وفيها: فولاه معاوية خراسان وأجازه بمائة ألف درهم.


صفحه 235، 236.








  1. سار إلي خراسان في اخريات سنة 53 وأقام بها سنتين کما رواه الطبري في تاريخه 167 و 166: 6.
  2. تاريخ الطبري 171:6، تاريخ ابن کثير 80 و 79: 8.
  3. الامامة والسياسة 157:1.