ما هذا الاختيار؟ وكيف يتم؟ ولم وبم؟











ما هذا الاختيار؟ وکيف يتم؟ ولم وبم؟



هل تدري ما الذي دعي ابن عمر إلي رمي القول علي عواهنه؟ إلي رمي الصحابة بعزوه المختلق، ونسبة هذا الاختيار المبير إليهم وأنهم ترکوا المفاضلة بعد الثلاثة وانهم قالوا: ثم نترک أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم لانفاضل بينهم. وقالوا: کنا نقول: إذا ذهب أبوبکر وعمر وعثمان استوي الناس فيسمع النبي صلي الله عليه وسلم ذلک فلا ينکره؟.

أم هل تدري بماذا تتصور المفاضلة والخيرة؟ وبم تتم؟ وأني تصح؟ بعد ثبوت ما جاء في الصحاح والمسانيد مرفوعا من أن عليا عليه السلام کان أعظمهم حلما، وأحسنهم خلقا، وأکثرهم علما، وأعلمهم بالکتاب والسنة، وأقدمهم سلما، وأولهم صلاة من رسول الله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأخشنهم في ذات الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية، وأفضلهم في القضاء، وأو لهم واردا علي الحوض، وأعظمهم عناء، وأحبهم إلي الله ورسوله، وأخصهم عنده منزلة، وأقربهم قرابة، وأولاهم بهم من أنفسهم کما کان رسول الله صلي الله عليه وآله، وأقربهم عهدا به صلي الله عليه وآله[1] وجبريل ينادي لا فتي إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار[2] فهل يبقي هنالک موضوع للمفاضلة بعد هذه کلها حتي يخير فيه الصبي إبن عمر أو غيره، فيختارون علي علي غيره؟

غفرانک اللهم وإليک المصير.

قال الجاحظ: لا يعلم رجل في الارض متي ذکر السبق في الاسلام والتقدم فيه، ومتي ذکرت النجدة والذب عن الاسلام، ومتي ذکر الفقه في الدين، ومتي ذکر الزهد في الاموال التي تتناصر الناس عليها، ومتي ذکر الاعطاء في الماعون، کان مذکورا في هذه الخصال کلها إلا علي رضي الله عنه. ثمار القلوب للثعالبي ص 67.

لست أدري کيف ترک المخيرون أصحاب محمد بعد الثلاثة لا تفاضل بينهم؟

وبماذا استوي الناس وفيهم العشرة المبشرة؟ وفيهم من رآه رسول الله صلي الله عليه وآله شبيه عيسي في امته هديا وبر اونسکا وزهدا وصدقا وجدا وخلقا وخلقا[3] .

[صفحه 18]

وفيهم من کان صلي الله عليه وآله يراه جلدة ما بين عينيه وأنفه، طيبا مطيبا، قد ملئ ايمانا إلي مشاشه، يدور مع الحق أينما دار[4] .

وفيهم من رآه صلي الله عليه وآله أثقل في الميزان من احد، ويراه رجال الصحابة: أشبه الناس هديا ودلا وسمتا بمحمد صلي الله عليه وآله[5] .

وفيهم من قربه صلي الله عليه وآله وأدناه وعلمه علم ما کان وما يکون[6] .

وفيهم من جاء فيه عن النبي صلي الله عليه وآله قوله: من أراد أن ينظر إلي رجل نور قلبه فلينظر إلي سلمان. وقوله: إن الله عزوجل يحب من أصحابي أربعة أخبرني انه يحبهم، وأمرني أن احبهم: علي، أبوذر، سلمان، المقداد، وصح فيه قوله: سلمان منا أهل البيت. وقال علي أميرالمؤمنين: سلمان رجل منا أهل البيت، أدرک علم الاولين والآخرين، ما لکم بلقمان الحکيم کان بحرا لا ينزف[7] .

وفيهم العباس عم النبي صلي الله عليه وآله الذي کان صلي الله عليه وآله وسلم يجله إجلال الولد والده، خاصة خص الله العباس بها من بين الناس، وله قال صلي الله عليه وآله: يا أبا الفضل لک من الله حتي ترضي. وخطب صلي الله عليه وآله في قضية فقال: من أکرم الناس علي الله؟ قالوا: أنت يارسول الله قال: فإن العباس مني وأنا منه. (مستدرک الحاکم 325:3)

وجاء في حديث استسقاء عمر بالعباس عام الرمادة[8] ان عمر خطب الناس فقال: يا أيها الناس إن رسول الله صلي الله عليه وآله کان يري للعباس ما يري الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلي الله عز وجل فيما نزل بکم[9] .

وفيهم معاذ بن جبل وقد صح فيه عند القوم قول رسول الله صلي الله عليه وآله: إنه اعلم الاولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين، وإن الله يباهي به الملائکة[10] .

[صفحه 19]

وفيهم ابي بن کعب وقد صحح الحاکم فيه قول أبي مسهر: إن رسول الله صلي الله عليه وآله سماه سيد الانصار فلم يمت حتي قالوا: سيد المسلمين.[11] .

وفيهم اسامة بن زيد حب رسول الله صلي الله عليه وآله وقد جاء فيه عن ابن عمر نفسه في الصحيحين قوله صلي الله عليه وآله لما طعن بعض الناس في أمارته وقد أمره علي جيش کان فيهم أبوبکر وعمر: فقد کنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن کان لخليقا للامارة، وإن کان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده.[12] .

وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: اسامة أحب إلي ما حاشا فاطمة ولا غيرها(مسند احمد 96:2 و 106 و 110).

إلي اناس آخرين يعدون في الرعيل الاول من رجالات الفضائل والفواضل من امة محمد صلي الله عليه وآله فهل کان ابن عمر يعرف هؤلاء الرجال ومبلغهم من العظمة وما ورد فيهم عن النبي الاقدس من جمل الثناء عليهم ثم يساوي بينهم وبين من عداهم نظراء أبناء هند والنابغة والزرقاء؟.


فإن کان لا يدري فتلک مصيبة
وإن کان يدري فالمصيبة أعظم


وکيف يتم هذا الاختيار وقد عزي القوم إلي رسول الله صلي الله عليه وآله: ما من نبي إلا وقد اعطي سبعة نجباء رفقاء واعطيت أنا أربعة عشر: سبعة من قريش: علي والحسن والحسين وحمزة وجعفر وأبوبکر وعمر. وسبعة من المهاجرين: عبدالله بن مسعود، وسلمان، وأبوذر، وحذيفة، وعمار، والمقداد، وبلال؟[13] .

نعم لا يرضي ابن عمر أن يکون علي أميرالمؤمنين أفضل من أحد من أصحاب محمد صلي الله عليه وآله حتي بعد عثمان وليد بيت امية، قتيل الصحابة العدول ومخذولهم، ولا يروقه أن يحکم بالمفاضلة بينه عليه السلام وبين ابن هند وإن کان عاليا من المسرفين، يسمع آيات الله تتلي عليه ثم يصر مستکبرا کأن لم يسمعها، کأن في اذينه وقرا، ولا بينه وبين ابن النابغة

[صفحه 20]

الابتر ابن الابتر، ولا بينه وبين مغيرة بن شعبة أزني ثقيف، ولا بينه وبين أبناء امية أثمار الشجرة الملعونة في القرآن من وزغ طريد إلي لعين مثله إلي فاسق مستهتر إلي فاحش متفحش، ولا بينه وبين سلسلة الخمارين رجال الخمور والفجور في الجاهلية أو الاسلام نظراء:

أبي بکر بن شغوب.

راجع الغدير99:7.

أبي طلحة زيد بن سهل الانصاري.

مسند أحمد 227 و 181: 3، سنن البيهقي 286:8، الغدير 99:7.

أبي عبيدة ابن الجراح.

مسند أحمد 181:3، سنن البيهقي 286:8، شرح صحيح مسلم

للنووي 23:8 هامش ارشاد الساري، مجمع الزوائد 52:5.

أبي محجن الثقفي.

تفسير القرطبي 57:3، الاصابة 175:4.

ابي بن کعب.

مسند أحمد 181:3، سنن البيهقي 286:8.

أنس بن مالک. غير واحد من الصحاح والمسانيد، راجع الغدير 101 و 97: 7.

حسان بن ثابت.

تفسير القرطبي 56:3 وهو القائل:


ونشر بها فترکنا ملوکا
واسدا ما ينهنهنا اللقاء


خالد بن عجير.

ألاصابة 459:1.

سعد بن أبي وقاص.

سنن البيهقي 285:8، تفسير ابن کثير 95:2، تفسير ابي حيان 12:4،

ارشاد الساري 104:7، تفسير الخازن 252:1، تفسير الالوسي 11:2،

تفسير الشوکاني 71:2.

[صفحه 21]

سليط بن النعمان.

الامتاع للمقريزي ص 112.

سهيل بن بيضاء.

منسد أحمد 227:3، سنن البيهقي 290:8، الغدير 99:7.

ضرار بن الازور.

تاريخ ابن عساکر 133 و 31: 7.

ضرار بن الخطاب.

تاريخ ابن عساکر 133:7.

عبدالرحمن بن عمر.

المعارف لابن قتيبة ص 80، الغدير 300 -296:6 ط 1.

عبدالرحمن بن عوف.

احکام القرآن للجصاص 245:2، مستدرک الحاکم 142:4: وکثير من

التفاسير، وفي الحديث تحريف أشار اليه الحاکم في المستدرک 307:2،

راجع الغدير 236:6 ط 1، و 252 ط 2.

عبدالله بن أبي سرح أخي عثمان من الرضاعة.

کتاب صفين ص 180.

عتبان بن مالک.

تفسير الخازن 152:1.

عمرو بن العاص.

الغدير 136:2 ط 2.

قيس بن عاصم المنقري.

تفسير القرطبي 56:3.

کنانة بن أبي الحقيق.

الامتاع للمقريزي ص 112.

معاذ بن جبل.

شرح صحيح مسلم للنووي 232:8 هامش ارشاد الساري، الغدير 99:7.

[صفحه 22]

نعيم بن مسعود الاشجعي.

الامتاع للمقريزي ص 112.

نعيمان بن عمرو بن رفاعة الانصاري.

الاستيعاب 308:1، اسد الغابة 36:5، تاريخ ابن کثير 70:8.

وليد بن عقبة أخي عثمان لامه.

الغدير 128 -123:8 ط 1.

[صفحه 23]


صفحه 18، 19، 20، 21، 22، 23.








  1. مرت هذه الاحاديث کلها بمصادرها في طيات الاجزاء الماضية.
  2. راجع الجزء الثاني ص 54 تا 56 ط 1، و 59 تا 61 ط 2.
  3. هو سيدنا أبوذر راجع الجزء الثامن.
  4. هو سيدنا عمار بن ياسر راجع من الجزء التاسع صحيفة 24 تا 28.
  5. هو سيدنا ابن مسعود راجع من الجزء التاسع صحيفة 7 تا 11.
  6. هو سيدنا حذيفة اليماني راجع ج 53:5 ط 1، و 60 ط 2.
  7. تاريخ ابن عساکر 198:6 تا 203.
  8. راجع ما مر في الجزء السابع: 300 و 301.
  9. مستدرک الحاکم 334 و 329 و 325 و 324: 3.
  10. مستدرک الحاکم 271:3.
  11. مستدرک الحاکم 302:3.
  12. صحيح البخاري 279:5، صحيح مسلم 131:7، صحيح الترمذي 218:13، مسند احمد 20:2.
  13. تاريخ ابن عساکر 21:5، وفي کنز العمال نقلا عن احمد وتمام وابن عساکر من طريق علي عليه السلام.