ترك التلبية خلافا لعلي











ترک التلبية خلافا لعلي



أخرج النسائي في سننه 253:5، والبيهقي في السنن الکبري 113:5 من طريق سعيد بن جبير قال: کان ابن عباس بعرفة فقال: ياسعيد مالي لا أسمع الناس يلبون؟ فقلت: يخافون معاوية. فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبيک أللهم لبيک، وإن رغم ألف معاوية، اللهم العنهم فقد ترکوا السنة من بغض علي.

وقال السندي في تعليق سنن النسائي: (من بغض علي) أي لاجل بغضه، أي وهو کان يتقيد بالسنن فهؤلاء ترکوها بغضا له.

وفي کنز العمال: عن ابن عباس قال: لعن الله فلانا انه کان ينهي عن التلبية في هذا اليوم يعني يوم عرفة، لان عليا کان يلبي فيه. ابن جرير. وفي لفظ أحمد في المسند 217:1 عن سعيد بن جبير قال: أتيت ابن عباس بعرفة وهو يأکل رمانا فقال: أفطر رسول الله بعرفة وبعثت إليه ام الفضل بلبن فشربه. وقال: لعن الله فلانا عمدوا إلي أعظم أيام الحج فمحوا زينته، وإنما زينة الحج التلبية. وحکاه في کنز العمال عن ابن جرير الطبري.

وفي تاريخ ابن کثير 130:8 من طريق صحيح عن سفيان عن حبيب عن سعيد عن ابن عباس انه ذکر معاوية وانه لبي عشية عرفة فقال فيه قولا شديدا، ثم بلغه ان

[صفحه 206]

عليا لبي عشية عرفة فترکه.

وقال ابن حزم في المحلي 136:7: کان معاوية ينهي عن ذلک.

قال الاميني: إن السنة المسلمة عند القوم استمرار التلبية إلي رمي جمرة العقبة أو لها أو آخرها علي خلاف فيه. وإليک ما يؤثر منها عندهم:

1- عن الفضل: أفضت مع النبي صلي الله عليه وسلم من عرفات فلم يزل يلبي حتي رمي جمرة العقبة، ويکبر مع کل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة.

وفي لفظ: لم يزل يلبي حتي بلغ الجمرة.

صحيح البخاري 109:3، صحيح مسلم 71:4، صحيح الترمذي 150:4، قال: وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، سنن النسائي 276 و 275 و 268: 5، سنن ابن ماجة 244:2، سنن ابي داود 287:1، سنن الدارمي 62:2، سنن البيهقي 119 و 112: 5، کتاب الام 174:2 وقال: وروي ابن مسعود عن النبي مثله.ه. مسند أحمد 226:1، وأخرجه ابن خزيمة وقال: هذا حديث صحيح مفسرا لما أبهم في الروايات الاخري[1] وقال الترمذي: والعمل علي هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وغيرهم.

2- عن جابر بن عبدالله واسامة وابن عباس: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم لزم التلبية و لم يقطعها حتي رمي جمرة العقبة.

راجع صحيح البخاري 114:3، سنن ابن ماجة 244:2، المحلي 136:7، بدايع الصنايع 156:2.

3- عن عبدالرحمن بن يزيد: ان عبدالله بن مسعود لبي حين أفاض من جمع فقيل له: عن أي هذا؟ «وفي لفظ مسلم: فقيل: أعرابي هذا» فقال: أنسي الناس أم ضلوا؟ سمعت الذي انزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المکان: لبيک أللهم لبيک.

راجع صحيح مسلم 363:1 وفي ط 72 و 71: 4، سنن البيهقي 122:5، المحلي 135:7 وصححه، ورواه الطحاوي باسناد صحيح کما في فتح الباري 420:3، بدايع الصنايع 154:2.

[صفحه 207]

4- عن کريب مولي ابن عباس: إن ميمونة ام المؤمنين لبت حين رمت الجمرة. کتاب الام 174:2، سنن البيهقي 113:5، المحلي 136:7

5- عن ابن عباس: تلبي حتي تأتي حرمک إذا رميت الجمرة.

سنن البيهقي 113:5.

6- عن ابن عباس أيضا: سمعت عمر يلبي غداة المزدلفة.

المحلي لابن حزم 136:7.

7- عن ابن عباس أيضا: سمعت عمر بن الخطاب يهل وهو يرمي جمرة العقبة فقلت له: فيما الاهلال يا أميرالمؤمنين؟ فقال: وهل قضينا نسکنا بعد؟

کتاب الام مختصرا 174:2، سنن البيهقي 113:5، المحلي، 136:7.

8- عن ابن عباس أيضا: حججت مع عمر إحدي عشرة حجة وکان يلبي حتي يرمي الجمرة.

أخرجه سعيد بن منصور کما في فتح الباري 419:3.

9- عن ابن عباس أيضا: التلبية شعار الحج فإن کنت حاجا فلب حتي بدء حلک، وبدء حلک أن ترمي جمرة العقبة.

أخرجه ابن المنذر باسناد صحيح کما في فتح الباري 419:3.

10- عن ابن مسعود: لا يمسک الحاج عن التلبية حتي يرمي جمرة العقبة. المحلي لابن حزم 136:7.

11- عن الاسود بن يزيد: انه سمع عمر بن الخطاب يلبي بعرفة.

سنن البيهقي 113:5، المحلي 136:7.

12- أخرج ابن أبي شيبة من طريق عکرمة يقول: أهل رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي رمي الجمرة، وأبوبکر وعمر.

المحلي 136:7.

13- عن أنس بن مالک في الجواب عن التلبية يوم عرفة: سرت هذا المسير مع النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه فمنا المکبر،ومنا المهل،ولا يعيب أحدنا علي صاحبه.صحيح مسلم 73:4.

[صفحه 208]

14- عن عائشة، کانت تلبي بعد عرفة. المحلي 36:7.

15- عن عبدالرحمن الاسود: ان أباه صعد إلي ابن الزبير المنبر يوم عرفة فقال له: ما يمنعک أن تهل؟ فقد رأيت عمر في مکانک هذا يهل فأهل ابن الزبير.

المحلي لابن حزم 136:7.

16- عن مولانا أميرالمؤمنين انه لبي حتي رمي جمرة العقبة. المحلي 136:7.

17- عن مولانا علي أيضا انه لبي في الحج حتي إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية.

أخرجه مالک في الموطأ 247:1 وقال: وذلک الامر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا. وذکره صاحب البحر الزخار 342:2.

18- عن عکرمة: کنت مع الحسين بن علي «عليهماالسلام» فلبي حتي رمي جمرة العقبة.

هذه هي السنة المتسالم عليها عند القوم، وبها أخذت أئمة الفقه والفتوي قال ابن حزم في المحلي 135:7: لا يقطع التلبية إلا مع آخر حصاة من جمرة العقبة، فإن مالکا قال: يقطع التلبية إذا نهض إلي عرفة، ثم زيف أدلة مالک، وأنت سمعت قول مالک قبيل هذا وانه يخالف ما عزاه إليه ابن حزم.

وقال في ص 136: لا يقطعها حتي يرمي الجمرة وهو قول أبي حنيفة والشافعي و أحمد وإسحاق وأبي سليمان.

وقال ملک العلماء في البدايع 154:2: لا يقطع التلبية وهذا قول عامة العلماء، وقال مالک: إذا وقف بعرفة يقطع التلبية والصحيح قول العامة. وقال ابن حجر في فتح الباري 419:3: وباستمرارها قال الشافعي وأبوحنيفة والثوري وأحمد وإسحاق وأتباعهم.

وفي نيل الاوطار 55:5: ان التلبية تستمر إلي رمي جمرة العقبة، وإليه ذهب الجمهور.

هذا ما تسالمت عليه الامة سلفا وخلفا، لکن معاوية جاء متهاونا بالسنة لمحض أن عليا عليه السلام کان ملتزما بها، فحدته بغضاءه إلي مضادته ولو لزمت مضادة السنة،

[صفحه 209]

ومحو زينة الحج، هذه نظرية خليفة المسلمين فيما حسبوه، وهذا مبلغه من الدين ومبوأه من الاخذ بسنة نبيه صلي الله عليه وآله فلهفي علي المسلمين من متغلب عليهم بإسم الخلافة.

وإني لست أدري أکان من السائغ الجائز لعن ابن عباس وهو محرم في ذلک الموقف العظيم، في مثل يوم عرفة اليوم المشهود معاوية باغض علي أمير المؤمنين ومناوئه تارک سنة محمد صلي الله عليه وآله وسلم؟ هلا کان حبر الامة يعلم أن الصحابة کلهم عدول؟ أو ان الصحابي کائنا من کان لا يجوز سبه؟ أو ان معاوية مجتهد وللمخطأ من المجتهدين أجر واحد؟ أنا لا أدري، غير أن ابن عباس لا يقول بالتافه ولا يخبت إلي الخرافة.

وما أظلم معاوية الجاهل بأحکام الله؟ فانه يخالف هاهنا عليا عليه السلام وهو بکله حاجة وافتقار إلي علم الامام الناجع، قال سعيد بن المسيب: إن رجلا من أهل الشام وجد رجلا مع امرأته فقتله وقتلها فأشکل علي معاوية الحکم فيه فکتب إلي أبي موسي ليسأل له علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فقال له علي رضي الله عنه: هذا شيئ ما وقع بأرضي عزمت عليک لتخبرني. فقال له أبوموسي: إن معاوية کتب إلي به أن أسألک فيه. فقال علي رضي الله عنه: أنا أبوالحسن إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته.[2] .

أخرجه مالک في الموطأ 117:2، سنن البيهقي 231:8، تيسير الوصول 73:4


صفحه 206، 207، 208، 209.








  1. نيل الاوطار 55:5.
  2. الرمة: الحبل الذي يقاد به الجاني.