احدوثة الاذان في العيدين











احدوثة الاذان في العيدين



أخرج الشافعي في کتاب الام 208:1 من طريق الزهري قال: لم يوذن للنبي صلي الله عليه وسلم ولابي بکر ولا لعمر ولا لعثمان في العيدين حتي أحدث ذلک معاوية بالشام فأحدثه الحجاج بالمدينة حين أمر عليها.

[صفحه 192]

وفي المحلي لابن حزم 82:5: أحدث بنو امية تأخير الخروج إلي العيد وتقديم الخطبة قبل الصلاة والاذان والاقامة.

وفي البحر الزخار 58:2: لا أذان ولا إقامة لها (لصلاة العيدين) لما مر ولا خلاف انه محدث يب[1] أحدثه معاوية. (ابن سيرين) بل مروان وتبعه الحجاج (ابوقلابة) بل ابن الزبير، والمحدث بدعة لقوله صلي الله عليه وآله: فهو رد وشرها محدثاتها. وينادي لها: الصلاة جامعة.

وفي فتح الباري لابن حجر 362:2: اختلف في أول من أحدث الاذان فيها، فروي ابن ابي شيبة باسناد صحيح عن سعيد بن المسيب انه معاوية، وروي الشافعي عن الثقة عن الزهري مثله، وروي ابن المنذر عن حصين بن عبدالرحمن قال: اول من أحدثه زياد بالبصرة. وقال الداودي: اول من أحدثه مروان، وکل هذه لا ينافي ان معاوية أحدثه کما تقدم في البداءة بالخطبة.

وقال فيما أشار اليه في البداءة بالخطبة: لا مخالفة بين هذين الاثرين وأثر مروان لان کلا من مروان وزياد کان عاملا لمعاوية فيحمل علي انه ابتدأ ذلک وتبعه عماله.[2] .

وقال القسطلاني في ارشاد الساري 202:2، أول من أحدث الاذان فيها معاوية. رواه ابن أبي شيبة باسناد صحيح، زاد الشافعي في روايته: فأخذ به الحجاج حين أمر علي المدينة أو زياد بالبصرة رواه ابن المنذر، أو مروان قاله الداودي، أو هشام قاله ابن حبيب، أو عبدالله بن الزبير رواه ابن المنذر أيضا. ويوجد في شرح الموطأ للزرقاني 323:1 نحوه.

وفي أوائل السيوطي ص 9. أول من أحدث الاذان في الفطر والاضحي بنو مروان أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي سيرين[3] وأخرج أيضا عن ابن المسيب قال: أول من أحدث الاذان في العيدين معاوية، وأخرج عن حصين قال: أول من أذن في العيد زياد.

[صفحه 193]

وفي نيل الاوطار للشوکاني 364:3: قال ابن قدامة في المغني: روي عن ابن الزبير: انه اذن وأقام، وقيل: إن أول من أذن في العيدين زياد. وروي ابن أبي شيبة في «المصنف» بإسناد صحيح عن ابن المسيب قال: أول من أحدث الاذان في العيد معاوية.

قال الاميني: إن من المتسالم عليه عند أئمة المذاهب عدم مشروعية الاذان والاقامة إلا للمکتوبة فحسب، قال الشافعي في کتابه «الام» 208:1: لا أذان إلا للمکتوبة فإنا لم نعلمه اذن لرسول الله صلي الله عليه وآله إلا للمکتوبة وأحب أن يأمر الامام المؤذن أن يقول في الاعياد وما جمع الناس له من الصلاة: الصلاة جامعة. أو: آن الصلاة. وإن قال: هلم إلي الصلاة، لم نکرهه وإن قال: حي علي الصلاة. فلا بأس، وإن کنت احب أن يتوقي ذلک لانه من کلام الاذان. إلخ.

ومن مالک في الموطأ 146:1: انه سمع غير واحد من علمائهم يقول: لم يکن في عيد الفطر ولا في الاضحي نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي اليوم، قال مالک: وتلک السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.

وقال الشوکاني في نيل الاوطار 364:3: أحاديث الباب تدل علي عدم شرعية الاذان والاقامة في صلاة العيدين، قال العراقي: وعليه عمل العلماء کافة. وقال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم في هذا خلافا ممن يعتد بخلافه.

وقد تضافرت الاخبار الدالة علي هدي الرسول الاعظم في صلاة العيدين وانه صلي الله عليه وسلم صلاها بغير أذان ولا اقامة وإليک جملة منها:

1- عن جابر بن عبدالله: شهدت مع النبي صلي الله عليه وسلم يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوکأ علي بلال فأمر بتقوي الله، وحث علي الطاعة ووعظ الناس وذکرهم، ثم مضي حتي أتي النساء فوعظهن وذکرهن.

صحيح البخاري مختصرا 111:2، صحيح مسلم 18:3، سنن النسائي 186:3، سنن الدارمي مختصرا ومفصلا 377 و 375: 1، وأخرجه بلفظ قريب من هذا من طريق ابن عباس في ص 378 و 376، زاد المعاد لابن القيم 173:1.

2- عن جابر بن سمرة: صليت مع النبي صلي الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة.

[صفحه 194]

صحيح مسلم 29:3، سنن أبي داود 179:1، جامع الترمذي 4:3، مسند أحمد 107 و 98 و 95 و 94 و 92: 5 بألفاظ شتي، سنن البيهقي 284:3، فتح الباري 3. 362:2- عن ابن عباس وجابر قالا: لم يکن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الاضحي.

صحيح البخاري 111:2، صحيح مسلم 19:3، جامع الترمذي 4:3، المحلي لابن حزم 85:5، سنن النسائي 182:3، سنن البيهقي 284:3.

4- عن ابن عباس: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم صلي العيد بلا أذان ولا إقامة، وأبا بکر وعمر أو عثمان. شک يحيي. سنن أبي داود 179:1، سنن ابن ماجة 386:1، قال الزرقاني في شرح الموطأ 323:1: إسناده صحيح.

5- عن عبدالرحمن بن عابس قال: سأل رجل ابن عباس: أشهدت العيد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: نعم ولولا منزلتي منه ما شهدته من الصغر فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم العلم الذي عند دار کثير بن الصلت فصلي ثم خطب ولم يذکر أذانا ولا إقامة.

سنن أبي داود 179:1

6- عن عطاء أخبرني جابر: أن لا أذان لصلاة يوم الفطر حين يخرج الامام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيئ لا نداء يومئذ ولا إقامة.

صحيح مسلم 19:3.

7- عن عبدالله بن عمر: خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في يوم عيد فصلي بغير أذان ولا إقامة. سنن النسائي حکاه عنه ابن حجر في فتح الباري 362:2، والزرقاني في شرح الموطأ 323:1.

8- عن سعد بن أبي وقاص: ان النبي صلي الله عليه وسلم صلي بغير أذان ولا إقامة.

أخرجه البزار في مسنده کما في فتح الباري 362:2، ونيل الاوطار 363:3.

9- عن البراء بن عازب: ان رسول الله صلي الله عليه وسلم صلي في يوم الاضحي بغير أذان ولا إقامة.

[صفحه 195]

أخرجه الطبراني في الاوسط کما في الفتح 362:2:ونيل الاوطار 363:3.

10- عن أبي رافع: ان النبي صلي الله عليه وسلم کان يخرج إلي العيد ماشيا بغير أذان ولا إقامة.

أخرجه الطبراني في الکبير کما في نيل الاوطار 364:3.

11- عن عطاء: ان ابن عباس أرسل إلي ابن الزبير أول ما بويع له انه لم يکن يؤذن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذن لها، قال: فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه. صحيح مسلم 19:3، صحيح البخاري 111:2.

هذه شريعة الله التي شرعها في صلاة العيدين، واستمر عليها العمل في دور النبوة، ولم تزل متبعة علي عهد الشيخين وهلم جرا حتي أحدث رجل النفاق بدعته الشنعاء وأدخل في الدين ما ليس منه، فکان مصيره ومصير بدعته ومن عمل بها إلي النار، وکان علي الامة منه يوم أسود عند حشرها، کما کان منه عليها يوم أحمر في دنياها، فأي خليفة هذا يجر علي قومه الويلات في النشأتين جمعاء؟ وهذه وما شابهها من بدع الرجل تنم عن تهاونه بالشريعة وعدم التزامه بسننها وفروضها، وإنما کان يعمل بما يرتأيه وتحبذ له ميوله غير مکترث لمخالفته الدين، متي وجد فيه حريجة من شهواته، ومدخلا من أهوائه، فحسب أن في تقديم الاذان دعوة إلي الاجتماع وملتمحا للابهة، وعزب عنه أن دين الله لا يقاس بهذه المقاييس وإنما هو منبعث عن مصالح لا يعلم حقائقها إلا الله، ولو کانت لتلک المزعمة مقيل من الحق لجاء بها نبي العظمة صلي الله عليه وآله: فدع معاوية يتورط في سيئاته، ويهملج في ترکاضه إلي الضلال، والله يعلم منقلبه ومثواه.


صفحه 192، 193، 194، 195.








  1. اشارة إلي سعيد بن المسيب.
  2. راجع ما اسلفناه في الجزء الثامن ص 165 و 164 و 160، ط 2.
  3. کذا في النسخ والصحيح: ابن سيرين.