معاوية في ميزان القضاء











معاوية في ميزان القضاء



لعمر الحق إن واحدة من هذه الشهادات کافية في تحطيم قدر الرجل والاسفاف بمستواه إلي الحضيض الاسفل، فکيف بجميعها؟ فانها صدرت من سادات الصحابة وأعيانهم العدول جميعهم عند القوم فضلا عن هؤلاء الذين لا يشک في ورعهم وقداسة ساحتهم عن السقطة في القول والعمل، ولا سيما وفيهم الامام المعصوم الخليفة حقا المطهر بلسان الذکر الحکيم عن أي رجاسة، الذي يدور الحق معه حيثما دار، وهو مع القرآن والقرآن معه لن يفترقا حتي يردا الحوض[1] وقبل الجميع ما رويناه عن النبي الاقدس صلي الله عليه وآله في حق هذا الانسان.

فالرجل أخذا بمجامع تلکم الشهادات الصادقة للسلف الصالح محکوم عليه نص أقوالهم من دون أي تحريف وتحوير منا بأنه امرئ ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده، دعاه الهوي فأجابه، وقاده الضلال فاتبعه، وما أتي به من ضلاله ليس ببعيد الشبه ما أتي به أهله المشرکون الکفرة، مصيره إلي اللظي، مبوأه النار، اللعين ابن اللعين، الفاجر ابن الفاجر، المنافق ابن المنافق، الطليق ابن الطليق، الوثن ابن الوثن، الجلف المنافق، الاغلف القلب، القليل العقل، الجبان الرذل، يخبط في عماية، ويتيه في ضلالة، شديد اللزوم للاهواء المبتدعة، والحيرة المتبعة، لم يکن من أهل القرآن ولا مريدا حکمه يجري إلي غاية خسر، ومحلة کفر، قد أولجته نفسه شرا، وأقحمته غيا، وأوردته المهالک وأوعرت عليه المسالک، غمص الناس، وسفه الحق، فاسق مهتوک ستره، يشين الکريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته، ابن آکلة الاکباد، الکذاب العسوف، إمام الردي، وعدو النبي، لم يزل عدوا لله والسنة والقرآن والمسلمين، رجل البدع والاحداث کانت بوائقه تتقي، وکان علي الاسلام مخوفا، الغادر الفاسق، مثله کمثل الشيطان يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، لم يجعل الله له سابقة في الدين، ولا سلف صدق في الاسلام، القاسط النابذ کتاب الله وراء ظهره، کان شر الاطفال

[صفحه 179]

وشر رجال، کهف المنافقين، دخل في الاسلام کرها، وخرج منه طوعا، لم يقدم ايمانه ولم يحدث نفاقه، کان حربا لله ولرسوله، حزبا من أحزاب المشرکين، عدوا لله ولنبيه وللمؤمنين، أقول الناس للزور، وأضلهم سبيلا، وأبعدهم من رسول الله وسيلة، الغاوي اللعين، ليس له فضل في الدين معروف، ولا أثر في الاسلام محمود، عادي الله ورسوله وجاهدهما، وبغي علي المسلمين، وظاهر المشرکين، فلما أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله أتاه فأسلم وهو والله راهب غير راغب، قبض رسول الله والرجل يعرف بعداوة المسلم ومودة المجرم، يطفي نور الله، ويظاهر أعداء الله، أغوي جفاة فأوردهم النار وأورثهم العار، لم يکن في إسلامه بأبر وأتقي ولا أرشد ولا أصوب منه في أيام شرکه وعبادته الاصنام.

هذا معاوية عند رجال الدين الصحيح الابرار الصادقين، وهذه صحيفة من تاريخه السوداء، وتؤکد هذه الکلم القيمة ما يؤثر عن الرجل من بوائق وموبقات هي بمفردها حجج دامغة علي سقوطه عن مبوأ الصالحين، فإنها لا تتأتي إلا عن تهاون بأمر الله ونهيه، وإغضاء عن نواميس الدين وشرايع الاسلام، وتزحزح عن سنة الله، وتعد وشذوذ عن حدوده، ومن يعتد حدود الله فاولئک هم الظالمون، وإليک نزر منها:


صفحه 179.








  1. راجع الجزء الثالث من کتابنا هذا.