حصر دار الإمارة والقتال حوله











حصر دار الإمارة والقتال حوله



2166- أنساب الأشراف: ونادي عثمان بن حنيف في الناس فتسلّحوا، وأقبل طلحة والزبير وعائشة حتي دخلوا المربد ممّا يلي بني سليم، وجاء أهل البصرة مع عثمان رکباناً ومشاة، وخطب طلحة فقال: إنّ عثمان بن عفّان کان من أهل السابقة والفضيلة من المهاجرين الأوّلين، وأحدث أحداثاً نقمناها عليه، فباينّاه ونافرناه، ثمّ أعتب حين استعتبناه، فعدا عليه امرؤ ابتزّ هذه الاُمّة أمرها بغير رضيً ولا مشورة، فقتلَه، وساعده علي ذلک رجال غير أبرار ولا أتقياء، فقتلوه بريئاً تائباً مسلماً، فنحن ندعوکم إلي الطلب بدمه؛ فإنّه الخليفة المظلوم. وتکلّم

[صفحه 178]

الزبير بنحوٍ من هذا الکلام.

فاختلف الناس فقال قائلون: نطقا بالحقّ، وقال آخرون: کذبا ولَهما کانا أشدّ الناس علي عثمان!! وارتفعت الأصوات.

واُتي بعائشة علي جملها في هودجها فقالت: صَهْ صَهْ،[1] فخطبت بلسان ذلق وصوت جهوري فأسکت[2] لها الناس فقالت: إنّ عثمان خليفتکم قُتل مظلوماً بعد أن تاب إلي ربّه، وخرج من ذنبه، واللَّه مابلغ من فعله ما يُستحلّ به دمه؛ فينبغي في الحقّ أن يؤخذ قتلته فيُقتلوا به، ويُجعل الأمر شوري. فقال قائلون: صدقتِ. وقال آخرون: کذبتِ حتي تضاربوا بالنعال وتمايزوا، فصاروا فرقتين: فرقة مع عائشة وأصحابها، وفرقة مع ابن حنيف، وکان علي خيل ابن حنيف حکيم بن جبلة، فجعل يحمل ويقول:


خيلي إليّ إنّها قريشُ
ليردينها نعيمها والطيشُ[3] .


وتأهّبوا للقتال، فانتهوا إلي الزابوقة،[4] وأصبح عثمان بن حنيف، فزحف إليهم، فقاتلهم أشدّ قتال، فکثرت بينهم القتلي، وفشت فيهم الجراح. ثمّ إنّ الناس تداعوا إلي الصلح، فکتبوا بينهم کتاباً بالموادعة إلي قدوم عليّ علي أن لا يعرض بعضهم لبعض في سوق ولا مشرعة، وأنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة وبيت المال والمسجد، وأنّ طلحة والزبير ينزلان ومن معهما حيث شاؤوا، ثمّ انصرف

[صفحه 179]

الناس وألقَوا السلاح.[5] .



صفحه 178، 179.





  1. هي کلمة زجر تقال عند الإسکات بمعني اسکت (النهاية: 63:3).
  2. أسکت: أي أعرض ولم يتکلّم. يقال: تکلّم الرجل ثمّ سکت بغير ألف، فإذا انقطع کلامه فلم يتکلّم قيل: أسکت (النهاية: 38362).
  3. کذا ورد في المصدر وعجز البيت مختلّ الوزن.
  4. الزابوقَة: موضع قريب من البصرة، کانت فيه وقعة الجمل (معجم البلدان: 125:3).
  5. أنساب الأشراف: 25:3وراجع تاريخ الطبري: 463:4 والکامل في التاريخ: 317:2.