كتاب الإمام إلي أهل الكوفة من الربذة











کتاب الإمام إلي أهل الکوفة من الربذة



2148- تاريخ الطبري: عن يزيد الضخم قال: لمّا أتي عليّاً الخبر وهو بالمدينة بأمر عائشة وطلحة والزبير أنّهم قد توجّهوا نحو العراق، خرج يبادر وهو يرجو أن يدرکهم ويردّهم، فلمّا انتهي إلي الربَذة أتاه عنهم أنّهم قد أمعنوا،[1] فأقام بالربذة أيّاماً، وأتاه عن القوم أنّهم يُريدون البصرة، فسُرِّيَ[2] بذلک عنه، وقال: إنّ أهل الکوفة أشدّ إليّ حبّاً، وفيهم رؤوس العرب وأعلامهم....

[و] عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبيه قال: کتب عليّ إلي أهل الکوفة: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد؛ فإنّي اخترتکم والنزول بين أظهرکم

[صفحه 146]

لما أعرف من مودّتکم وحبّکم للَّه عزّ وجلّ ولرسوله صلي الله عليه و آله، فمن جاءني ونصرني فقد أجاب الحقّ وقضي الذي عليه.[3] .

2149- تاريخ الطبري عن محمّد وطلحة: لمّا قدم عليّ الربذة أقام بها، وسرّح منها إلي الکوفة محمّد بن أبي بکر، ومحمّد بن جعفر وکتب إليهم:

إنّي اخترتکم علي الأمصار، وفزعت إليکم لما حدث؛ فکونوا لدين اللَّه أعواناً وأنصاراً، وأيِّدونا وانهضوا إلينا؛ فالإصلاح ما نريد؛ لتعود الاُمّة إخواناً، ومن أحبّ ذلک وآثره فقد أحبّ الحقّ وآثره، ومن أبغض ذلک فقد أبغض الحقّ وغَمِصه.[4] .

فمضي الرجلان وبقي عليّ بالربذة يتهيّأ، وأرسل إلي المدينة، فلحقه ما أراد من دابّة وسلاح، وأمِر[5] أمرُه وقام في الناس فخطبهم وقال:

إنّ اللَّه عزّ وجلّ أعزّنا بالإسلام، ورفعنا به، وجعلنا به إخواناً بعد ذلّة وقلّة وتباغض وتباعد، فجري الناس علي ذلک ما شاء اللَّه؛ الإسلام دينهم، والحقّ فيهم، والکتاب إمامهم، حتي اُصيب هذا الرجل بأيدي هؤلاء القوم الذين نزغهم الشيطان لينزغ بين هذه الاُمّة، ألا إنّ هذه الاُمّة لابدّ مفترقة کما افترقت الاُمم قبلهم، فنعوذ باللَّه من شرّ ما هو کائن.

ثمّ عاد ثانية فقال: إنّه لابدّ ممّا هو کائن أن يکون، ألا وإنّ هذه الاُمّة ستفترق علي ثلاث وسبعين فرقة؛ شرّها فرقة تنتحلني ولا تعمل بعملي، فقد أدرکتم

[صفحه 147]

ورأيتم، فالزموا دينکم واهدوا بهدي نبيّکم صلي الله عليه و آله، واتّبعوا سنّته واعرُضوا ما أشکل عليکم علي القرآن؛ فما عرفه القرآن فالزموه، وما أنکره فردّوه، وارضوا باللَّه عزّ وجلّ ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّد صلي الله عليه و آله نبيّاً، وبالقرآن حَکَماً وإماماً.[6] .

2150- شرح نهج البلاغة عن عبد الرحمن بن يسار القرشي- في ذکر کتاب عليّ عليه السلام إلي أهل الکوفة-: لمّا نزل عليّ عليه السلام الربذة متوجّهاً إلي البصرة بعث إلي الکوفة محمّد بن جعفر بن أبي طالب، ومحمّد بن أبي بکر الصديق، وکتب إليهم هذا الکتاب[7] وزاد في آخره:

فحسبي بکم إخواناً، وللدين أنصاراً ف- «انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَهِدُواْ بِأَمْوَ لِکُمْ وَأَنفُسِکُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَ لِکُمْ خَيْرٌ لَّکُمْ إِن کُنتُمْ تَعْلَمُونَ »....[8] .

قال: لمّا قدم محمّد بن جعفر، ومحمّد بن أبي بکر الکوفة استنفرا الناس، فدخل قوم منهم علي أبي موسي ليلاً فقالوا له: أشِر علينا برأيک في الخروج مع هذين الرجلين إلي عليّ عليه السلام، فقال: أمّا سبيل الآخرة فالزموا بيوتکم، وأمّا سبيل الدنيا فاشخصوا معهما! فمنع بذلک أهل الکوفة من الخروج، وبلغ ذلک المحمّدَين، فأغلظا لأبي موسي، فقال أبو موسي: واللَّه إنّ بيعة عثمان لفي عنق عليّ وعنقي وأعناقکما، ولو أردنا قتالاً ما کنّا لنبدأ بأحد قبل قتلة عثمان، فخرجا من عنده، فلحقا بعليّ عليه السلام فأخبراه الخبر.[9] .

[صفحه 148]



صفحه 146، 147، 148.





  1. أمعنوا في الطلب: أي جَدُّوا وأبعدوا (النهاية: 344:4).
  2. سُرِّي عنه: أي کُشف عنه الخوف (النهاية: 365:2).
  3. تاريخ الطبري: 477:4.
  4. غَمِصَه: احتقره ولم يره شيئاً (النهاية: 386:3).
  5. أمِرَ أمرُه: أي کثُر وارتفع شأنه (النهاية 65:1).
  6. تاريخ الطبري: 478:4، الکامل في التاريخ: 324:2، البداية والنهاية: 235:7 کلاهما نحوه.
  7. الکتاب الأوّل من نهج البلاغة.
  8. التوبة: 41.
  9. شرح نهج البلاغة: 8:14 وراجع الإمامة والسياسة: 84:1 و 85.