نزول الإمام بالربذة
قلت: إنّ الحاجّ قد اجتمعوا ليسمعوا من کلامک، فتأذن لي أن أتکلّم؛ فإن کان حسناً کان منک، وإن کان غير ذلک کان منّي؟ قال: لا، أنا أتکلّم. ثمّ وضع يده علي صدري- وکان شَثْن[2] الکفّين- فآلمني، ثمّ قام فأخذت بثوبه فقلت: نشدتک اللَّه والرحم؟ قال: لا تنشدني. ثمّ خرج فاجتمعوا عليه، فحمد اللَّه وأثني عليه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّ اللَّه تعالي بعث محمّداً صلي الله عليه و آله وليس في العرب أحد يقرأ کتاباً ولا يدّعي نبوّة، فساق الناس إلي منجاتهم، أمَ واللَّه ما زلت في ساقتها؛ ما غيّرت ولا خُنتُ حتي تولّت بحذافيرها. مالي ولقريش؟ أمَ واللَّه لقد قاتلتهم کافرين، ولاُقاتلنّهم مفتونين، وإنّ مسيري [صفحه 142] هذا عن عهد إليّ فيه، أمَ واللَّه: لأبقرنّ الباطل حتي يخرج الحقّ من خاصرته. ما تنقم منّا قريش إلّا أنّ اللَّه اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيِّزنا وأنشد: أدمتَ[3] لعمري شربَک المحض خالصاً ونحن وهبناک العلاء ولم تکن
2141- الإرشاد: لمّا توجّه أميرالمؤمنين عليه السلام إلي البصرة نزل الرَّبَذة،[1] فلقيه بها آخر الحاج فاجتمعوا ليسمعوا من کلامه وهو في خبائه، قال ابن عبّاس: فأتيته فوجدته يخصف نعلاً، فقلت له: نحن إلي أن تُصلح أمرنا أحوج منّا إلي ما تصنع، فلم يکلّمني حتي فرغ من نعله، ثمّ ضمّها إلي صاحبتها ثمّ قال لي: قومّها؟ فقلت: ليس لها قيمة. قال: علي ذاک! قلت: کسر درهم، قال: واللَّه لهما أحبّ إليّ من أمرکم هذا إلّا أن اُقيم حقّاً أو أدفع باطلاً.
وأکلک بالزبد المقشّرة البُجرا
عليّاً وحطنا حولک الجُرْدَ والسُّمْرا[4] .
صفحه 142.