تحذير اُمّ سلمة عائشة عن الخروج











تحذير اُمّ سلمة عائشة عن الخروج



2116- الجمل: بلغ اُمّ سلمة اجتماع القوم وما خاضوا فيه، فبکت حتي اخضلّ خمارها، ثمّ دعت بثيابها، فلبستها وتخفّرت ومشت إلي عائشة لتعِظها وتصدّها عن رأيها في مظاهرة أميرالمؤمنين عليه السلام بالخلاف، وتقعد بها عن الخروج مع القوم.

فلمّا دخلت عليها قالت: إنّکِ سُدَّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بين اُمّته، وحجابک مضروب علي حرمته، وقد جمع القرآن ذيلک؛ فلا تندحيه، ومکَّنَک خُفْرَتک؛ فلا تُضحيها، اللَّه اللَّه من وراء هذه الآية!

قد علم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مکانک؛ فلو أراد أن يعهد إليک لفعل، بل نهاک عن الفَرْطة في البلاد.

إنّ عمود الدين لا يقام بالنساء إن مالَ، ولا يُرأب بهنّ إن صُدع، حُمادَيات النساء: غضّ الأطراف، وخفّ الأعطاف، وقصر الوهازة، وضمّ الذيول.

ما کنت قائلة لو أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عارضک ببعض الفلوات، ناصّة قلوصاً من منهل إلي آخر! قد هتکت صداقته، وترکت حرمته وعهدته؛ إنّ بعين اللَّه مهواک، وعلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ترِدين.

واللَّه لو سرتُ مسيرک هذا ثمّ قيل لي: ادخلي الفردوس، لاستحييت أن ألقي محمّداً صلي الله عليه و آله هاتکة حجاباً قد ستره عليَّ. اجعلي حصنک بيتک، وقاعة البيت قبرک، حتي تلقينه، وأنت علي ذلک أطوع ما تکونين للَّه لَزِمْتِهِ، وأنصر ما تکونين للدين ما جلستِ عنه.

[صفحه 123]

فقالت لها عائشة: ما أعرفني بوعظک، وأقبلني لنصحک! ولَنِعم المسير مسير فزعت إليه، وأنا بين سائرة أو متأخّرة، فإن أقعد فعن غير حرج، وأن أسِر فإلي ما لابدّ من الازدياد منه[1] [2] .



صفحه 123.





  1. قال ابن أبي الحديد: تفسير غريب هذا الخبر: السُّدّة: الباب. لا تندَحيه: أي لا تفتحيه ولا توسّعيه بالحرکة والخروج. الفَرْطة في البلاد: أي السفر والشخوص. حُمادَيات النساء: يقال: حُماداک أن تفعل کذا مثل قُصاراک؛ أي جهدک وغايتک. والوهازة: الخطوة. ناصّة قلوصاً: أي رافعةً لها في السير، والقلوص من النوق: الشابّة. والمنهل: الماء ترده الإبل. وإنّ بعين اللَّه مهواک: أي إنّ اللَّه يري سيرک وحرکتک. والضمير في «لزمته» يعود إلي الأمر الذي أمرت به. وحَرَج: إثم (انظر شرح نهج البلاغة: 221:6 تا 224).
  2. الجمل: 236، الاحتجاج: 82:391:1 عن الإمام الصادق عليه السلام، معاني الأخبار: 1:375 عن أبي الأخنس الأرحبي؛ الإمامة والسياسة: 76:1، العقد الفريد: 316:3، شرح نهج البلاغة: 219:6 وفي الأربعة الأخيرة أنّها کتبت بهذا إلي عائشة و ص 220 وکلّها نحوه وراجع الاختصاص: 116 وتاريخ اليعقوبي: 180:2.