خروج طلحة والزبير إلي مكّة











خروج طلحة والزبير إلي مکّة



في أعقاب عدّة أيّام من المداولات التي أجراها طلحة والزبير مع الإمام في سبيل الحصول علي بعض المناصب الحکوميّة،[1] وکسب الامتيازات الاقتصاديّة، ولم تتمخّض هذه المباحثات إلّا عن رفضه الانصياع لمطاليبهم،

[صفحه 114]

تناهي إليهم خبر إعلان عائشة في مکّة عن معارضتها للإمام، والبراءة من قتلة عثمان. ومن جهة اُخري فقد فرّ بعض عمّال عثمان برفقة الأموال التي نهبوها من بيت المال إلي مکّة خوفاً من حساب الإمام لهم.

وهکذا فقد عزم کلّ من طلحة والزبير علي الذهاب إلي مکّة، والإعلان عن معارضتهما لحکومة الإمام من هناک. فجاءاه وهما يضمران هذه النيّة.

2108- الجمل: فلمّا دخلا [طلحة والزبير] عليه قالا: يا أميرالمؤمنين! قد جئناک نستأذنک للخروج في العمرة، فلم يأذن لهما.

فقالا: نحن بعيدو العهد بها، ائذن لنا فيها.

فقال لهما: واللَّه، ما تريدان العمرة، ولکنّکما تريدان الغدرة! وإنّما تريدان البصرة!

فقالا: اللهمّ غفراً، ما نريد إلّا العمرة.

فقال لهما عليه السلام: احلفا لي باللَّه العظيم أنّکما لا تفسدان عليَّ اُمور المسلمين، ولا تنکثان لي بيعة، ولا تسعيان في فتنة. فبذلا ألسنتهما بالأيمان الوکيدة فيما استحلفهما عليه من ذلک.

فلمّا خرجا من عنده لقيهما ابن عبّاس فقال لهما: فأَذن لکما أمير المؤمنين؟

قالا: نعم.

فدخل علي أميرالمؤمنين عليه السلام فابتدأه عليه السلام وقال: يابن عبّاس، أ عندک خبر؟

فقال: قد رأيت طلحة والزبير.

فقال له: إنّهما استأذناني في العمرة، فأذنت لهما بعد أن استوثقت منهما بالأيمان أن لا يغدرا ولا ينکثا ولا يُحدثا فساداً، واللَّه يا بن عبّاس ما قصدا إلّا

[صفحه 115]

الفتنة، فکأنّي بهما وقد صارا إلي مکّة ليستعينا علي حربي؛ فإنّ يعلي بن منية الخائن الفاجر قد حمل أموال العراق وفارس لينفق ذلک، وسيُفسد هذان الرجلان عليَّ أمري، ويسفکان دماء شيعتي وأنصاري.

فقال عبداللَّه بن عبّاس: إذا کان عندک الأمر کذلک فَلِمَ أذنتَ لهما؟ وهلّا حبستهما وأوثقتهما بالحديد، وکفيت المسلمين شرّهما!

فقال له عليه السلام: يابن عبّاس! أ تأمرني أن أبدأ بالظلم، وبالسيّئة قبل الحسنة، واُعاقب علي الظنّة والتُّهمَة، وآخذ بالفعل قبل کونه؟ کلّا! واللَّه لا عدلت عمّا أخذ اللَّه عليَّ من الحکم بالعدل، ولا القول بالفصل.[2] .

2109- الجمل عن بکر بن عيسي: إنّ عليّاً عليه السلام أخذ عليهما العهد والميثاق أعظم ما أخذه علي أحد من خلقه ألّا يخالفا ولا ينکثا، ولا يتوجّها وجهاً غير العمرة حتي يرجعا إليه، فأعطياه ذلک من أنفسهما، ثمّ أذن لهما فخرجا.[3] .



صفحه 114، 115.





  1. الجمل: 164. راجع: إظهار الشکاة/دوافع البغاة في قتال الإمام عليه السلام/الاستعلاء.
  2. الجمل: 166 وراجع الکافئة: 13:14 والاحتجاج: 67:373:1 ومروج الذهب: 366:2 وأنساب الأشراف: 22:3 والفتوح: 451:2.
  3. الجمل: 437، الکافئة: 14:15، بحارالأنوار: 18:32:32.