رفض سياسة المداهنة
قلت: أخبرني عن شأن المغيرة، ولِمَ خلا بک؟ قال: جاءني بعد مقتل عثمان بيومين، فقال: أخلني، ففعلت، فقال: إنّ النصح رخيص، وأنت بقيّة الناس، وأنا لک ناصح، وأنا اُشير عليک أن لا تردّ عمّال [صفحه 342] عثمان عامک هذا، فاکتب إليهم بإثباتهم علي أعمالهم، فإذا بايعوا لک، واطمأنّ أمرک، عزلتَ من أحببت، وأقررتَ من أحببت. فقلت له: واللَّه، لا اُداهن في ديني، ولا اُعطي الرياء في أمري. قال: فإن کنت قد أبيت فانزع من شئت، واترک معاوية؛ فإنّ له جرأة وهو في أهل الشام مسموع منه، ولک حجّة في إثباته، فقد کان عمر ولّاه الشام کلّها. فقلت له: لا واللَّه، لا أستعمل معاوية يومين أبداً. فخرج من عندي علي ما أشار به، ثمّ عاد، فقال: إنّي أشرت عليک بما أشرت به وأبيت عليَّ، فنظرت في الأمر وإذا أنت مصيب لا ينبغي أن تأخذ أمرک بخدعة، ولا يکون فيه دلسة. قال ابن عبّاس: فقلت له: أمّا أوّل ما أشار به عليک فقد نصحک، وأمّا الآخر فقد غشّک.[1] . 2368- مروج الذهب عن ابن عبّاس- لعليّ عليه السلام-: أنا اُشير عليک أن تثبت معاوية، فإن بايع لک فعليَّ أن أقلعه من منزله. قال: لا واللَّه لا اُعطيه إلّا السيف، ثمّ تمثّل: فما مِيتةٌ إن مِتّها غيرَ عاجزٍ فقلت: يا أميرالمؤمنين، أنت رجل شجاع، أ ما سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: الحرب خدعة؟! فقال عليّ: بلي. قلت: أما واللَّه، لئن أطعتني لأصدرنّ بهم بعد [صفحه 343] ورود، ولأترکنّهم ينظرون في أدبار الاُمور، ولا يدرون ما کان وجهها، من غير نقص لک، ولا إثم عليک. فقال لي: يابن عبّاس، لست من هنياتک ولا هنيات معاوية في شي ء تشير به عليَّ برأي، فإذا عصيتک فأطعني. فقلت: أنا أفعل، فإنّ أيسر ما لک عندي الطاعة، واللَّه وليّ التوفيق.[2] . راجع: القسم الخامس/الإصلاحات العلويّة/عزل عمّال عثمان.
2367- مروج الذهب عن ابن عبّاس: قدمت من مکّة بعد مقتل عثمان بخمس ليالٍ، فجئت عليّاً أدخل عليه، فقيل لي: عنده المغيرة بن شعبة، فجلست بالباب ساعة، فخرج المغيرة، فسلّم عليَّ، وقال: متي قدمت؟ قلت: الساعة، ودخلت علي عليّ وسلّمت عليه...
بعارٍ إذا ما غالَتِ النفسُ غولها
صفحه 342، 343.