ابقاء معاوية كان يزعزع الحكومة المركزيّة











ابقاء معاوية کان يزعزع الحکومة المرکزيّة



لم يکن إبقاء معاوية علي ولاية الشام يقوّي رکائز حکومة الإمام، بل إنّه کان يؤدي الي زعزعتها منذ البداية. وقد جاء تحليل ابن سنان في هذا المضمار علي النحو التالي:

إنّا قد علمنا أنّ أحد الأحداث التي نقمت علي عثمان وأفضت بالمسلمين إلي

[صفحه 340]

حصاره وقتله تولية معاوية الشام مع ما ظهر من جوره وعدوانه، ومخالفة أحکام الدين في سلطانه، وقد خوطب عثمان في ذلک فاعتذر بأنّ عمر ولّاه قبله، فلم يقبل المسلمون عذره، ولا قنعوا منه إلّا بعزله، حتي أفضي الأمر إلي ما أفضي.

وکان عليّ عليه السلام من أکثر المسلمين لذلک کراهية، وأعرفهم بما فيه من الفساد في الدين، فلو أنّه عليه السلام افتتح عقد الخلافة له بتوليته معاوية الشام وإقراره فيه، أ ليس کان يبتدئ في أوّل أمره بما انتهي إليه عثمان في آخره، فأفضي إلي خلعه وقتله؟! ولو کان ذلک في حکم الشريعة سائغاً والوزر فيه مأموناً لکان غلطاً قبيحاً في السياسة، وسبباً قويّاً للعصيان والمخالفة، ولم يکن يمکنه عليه السلام أن يقول للمسلمين: إنّ حقيقة رأيي عزل معاوية عند استقرار الأمر وطاعة الجمهور لي، وإنّ قصدي بإقراره علي الولاية مخادعته وتعجيل طاعته ومبايعة الأجناد الذين قِبله، ثمّ أستأنف بعد ذلک فيه ما يستحقّه من العزل، وأعمل فيه بموجب العدل؛ لأنّ إظهاره عليه السلام لهذا العزم کان يتّصل خبره بمعاوية، فيفسد التدبير الذي شرع فيه، وينتقض الرأي الذي عوّل عليه.[1] .



صفحه 340.





  1. شرح نهج البلاغة: 247:10.