عبيد اللَّه بن عمر











عبيد اللَّه بن عمر



ولد عبيد اللَّه بن عمر بن الخطّاب في زمن النبيّ الأکرم صلي الله عليه و آله،[1] وعندما قُتل أبوه علي يد أبي لؤلؤة حمل علي الهرمزان- وکان عليلاً- وعلي ابنة أبي لؤلؤة- وکانت صغيرةً- وجُفينة- وکان من أهل الذمّة- وقتلهم.[2] .

[صفحه 325]

حکم عليه الصحابة- ومنهم أميرالمؤمنين عليه السلام- بالقتل، لکنّ عثمان عفا عنه[3] وأمره بالهرب من الإمام عليه السلام وقد اقطع له عثمان کويفة ابن عمر في قرب الکوفة فلم يزل بها.[4] .

ولمّا تسلّم أميرالمؤمنين عليه السلام زمام الخلافة لحق عبيد اللَّه بمعاوية؛ خوفاً من القصاص، وصار أميراً علي خيّالته.[5] .

نشط کثيراً لأجل معاوية في صفّين، بَيدَ أنّه قُتل أثناء الحرب.[6] وقد اختلف في قاتله فقيل: قتله أميرالمؤمنين عليه السلام، وقيل: مالک الأشتر، وقيل: عمّار بن ياسر.[7] .

2361- مروج الذهب: قد کان عبيد اللَّه بن عمر لحق بمعاوية؛ خوفاً من عليّ أن

[صفحه 326]

يُقيده بالهرمزان، وذلک أنّ أبا لؤلؤة- غلام المغيرة بن شعبة- قاتل عمر وکان في أرض العجم غلاماً للهرمزان، فلمّا قتل عمر شدّ عبيد اللَّه علي الهرمزان فقتله، وقال: لا أترک بالمدينة فارسيّاً ولا في غيرها إلّا قتلته بأبي.

وکان الهرمزان عليلاً في الوقت الذي قتل فيه عمر، فلمّا صارت الخلافة إلي عليّ أراد قتل عبيد اللَّه بن عمر بالهرمزان؛ لقتله إيّاه ظلماً من غير سبب استحقّه، فلجأ إلي معاوية.[8] .

2362- وقعة صفّين عن الجرجاني: لمّا قدم عبيد اللَّه بن عمر بن الخطّاب علي معاوية بالشام، أرسل معاوية إلي عمرو بن العاص فقال: يا عمرو، إنّ اللَّه قد أحيا لک عمر بن الخطاب بالشام بقدوم عبيد اللَّه بن عمر، وقد رأيت أن اُقيمه خطيباً فيشهد علي عليّ بقتل عثمان، وينال منه! فقال: الرأي ما رأيت. فبعث إليه فأتي، فقال له معاوية: يابن أخي، إنّ لک اسم أبيک، فانظر بمل ء عينيک، وتکلّم بکلّ فيک؛ فأنت المأمون المصدّق فاصعد المنبر واشتم عليّاً، واشهد عليه أنّه قتل عثمان!

فقال: يا أميرالمؤمنين، أمّا شتميه فإنّه علي بن أبي طالب، واُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم، فما عسي أن أقول في حسبه!! وأمّا بأسه فهو الشجاع المطرق، وأمّا أيّامه فما قد عرفت، ولکنّي ملزمه دم عثمان.

فقال عمرو بن العاص: إذاً واللَّه قد نکأت القرحة.

فلمّا خرج عبيد اللَّه قال معاوية: أما واللَّه لولا قتله الهرمزان، ومخافة عليّ علي نفسه ما أتانا أبداً؛ أ لم ترَ إلي تقريظه عليّاً! فقال عمرو: يا معاوية، إن لم

[صفحه 327]

تغلب فاخلب. فخرج حديثه إلي عبيد اللَّه، فلمّا قام خطيباً تکلّم بحاجته، حتي إذا أتي إلي أمر عليّ أمسک ولم يقُل شيئاً، فقال له معاوية: ابن أخي، إنّک بين عيّ أو خيانة! فبعث إليه: کرهت أن أقطع الشهادة علي رجل لم يقتل عثمان، وعرفت أنّ الناس محتملوها عنّي فترکتها.[9] .

2363- مروج الذهب- في تفصيل وقعة صفّين-: کان عبيد اللَّه بن عمر إذا خرج إلي القتال قام إليه نساؤه فشددن عليه سلاحه، ما خلا الشيبانيّة بنت هانئ بن قبيصة، فخرج في هذا اليوم، وأقبل علي الشيبانيّة وقال لها: إنّي قد عبّأت اليوم لقومک، وايم اللَّه، إنّي لأرجو أن أربط بکلّ طنب من أطناب فسطاطي سيّداً منهم!

فقالت له: ما أبغض إلّا أن تقاتلهم.

قال: ولِمَ؟

قالت: لأنّه لم يتوجّه إليهم صنديد في جاهليّة ولا إسلام وفي رأسه صعر إلّا أبادوه، وأخاف أن يقتلوک، وکأنّي بک قتيلاً وقد أتيتهم أسألهم أن يهبوا لي جيفتک. فرماها بقوس فشجّها، وقال لها: ستعلمين بمن آتيک من زعماء قومک.

ثمّ توجّه فحمل عليه حريث بن جابر الجعفي فطعنه فقتله، وقيل: إنّ الأشتر النخعي هو الذي قتله، وقيل: إنّ عليّاً ضربه ضربة فقطع ما عليه من الحديد حتي خالط سيفه حشوة جوفه.

وإنّ عليّاً قال حين هرب فطلبه ليقيد منه بالهرمزان: لئن فاتني في هذا اليوم يفوتني في غيره.

[صفحه 328]

وکلّم نساؤه معاوية في جيفته، فأمر أن تأتين ربيعة فتبذلن في جيفته عشرة آلاف، ففعلن ذلک.

فاستأمرت ربيعة عليّاً، فقال لهم: إنّما جيفته جيفة کلب لا يحلّ بيعها، ولکن قد أجبتُهم إلي ذلک، فاجعلوا جيفته لبنت هانئ بن قبيصة الشيباني زوجته. فقالوا لنسوة عبيد اللَّه: إن شئتنّ شددناه إلي ذنب بغل، ثمّ ضربناه حتي يدخل إلي عسکر معاوية. فصرخن وقلن: هذا أشدّ علينا، وأخبرن معاوية بذلک. فقال لهنّ:ائتوا الشيبانيّة فسلوها أن تکلّمهم في جيفته، ففعلن.

وأتت القوم، وقالت: أنا بنت هانئ بن قبيصة، وهذا زوجي القاطع الظالم، وقد حذّرته ما صار إليه، فهبوا إليَّ جيفتَه، ففعلوا. وألقت إليهم بمطرف خزّ فأدرجوه فيه، ودفعوه إليها، فمضت به، وکان قد شدّ في رجله إلي طنب فسطاط من فساطيطهم.[10] .



صفحه 325، 326، 327، 328.





  1. تاريخ الإسلام للذهبي: 568:3، اُسد الغابة: 3473:522:3، الاستيعاب: 1737:132:3، الإصابة: 6255:41:5.
  2. الطبقات الکبري: 15:5 و16، تاريخ الطبري: 239:4 و ص 240 و243، مروج الذهب: 388:2، الکامل في التاريخ: 226:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 296:3 و ص 568، الإصابة: 6255:42:5، اُسد الغابة: 3473:5223، الأوائل لأبي هلال: 126:1.
  3. السنن الکبري: 16083:108:8، الطبقات الکبري: 17:5، أنساب الأشراف: 130:6، تاريخ الطبري: 2394، الکامل في التاريخ: 226:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 568:3، اُسد الغابة: 3473:523:3، الإصابة: 6255:43:5.
  4. الجمل: 176؛ معجم البلدان: 496: 4.
  5. الطبقات الکبري: 17:5، مروج الذهب: 388:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 542:3 و ص 568 وفيه «کان مقدّم جيش معاوية يوم صفّين»، اُسد الغابة: 3473:523:3، الاستيعاب: 1737:132:3، الإصابة: 6255:435.
  6. الطبقات الکبري: 17:5، تاريخ الطبري: 574:4 و ج 34:5، تاريخ الإسلام للذهبي: 297:3، الاستيعاب: 1737:133:3، البداية والنهاية: 266:7.
  7. الطبقات الکبري: 19:5، مروج الذهب: 395:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 569:3، اُسد الغابة: 3473:523:3 وفيها أقوال اُخر؛ وقعة صفّين: 429.
  8. مروج الذهب: 388:2.
  9. وقعة صفّين: 82، بحارالأنوار: 342:383:32 تا 356؛ شرح نهج البلاغة: 100:3.
  10. مروج الذهب: 395:2 وراجع الاستيعاب: 1737:133:3 والطبقات الکبري: 18:5.