شدّة أسفه عند الموت











شدّة أسفه عند الموت



2359- الاستيعاب عن الشافعي: دخل ابن عبّاس علي عمرو بن العاص في مرضه، فسلّم عليه وقال: کيف أصبحتَ يا أبا عبداللَّه؟

قال: أصلحتُ من دنياي قليلاً، وأفسدتُ من ديني کثيراً، فلو کان الذي أصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفُزت، ولو کان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو کان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت کالمنجنيق بين السماء والأرض؛ لا أرقي بيدين، ولا أهبط برجلين، فعِظني بعِظة أنتفع بها يابن أخي.

فقال له ابن عبّاس: هيهات يا أبا عبداللَّه! صار ابن أخيک أخاک، ولا تشاء أن أبکي إلّا بکيت، کيف يؤمن برحيل من هو مقيم؟

فقال عمرو: علي حينها، من حين ابن بضع وثمانين سنة تقنّطني من رحمة ربّي، اللهمّ إنّ ابن عبّاس يقنّطني من رحمتک فخذ منّي حتي ترضي!

[صفحه 234]

قال ابن عبّاس: هيهات يا أبا عبداللَّه! أخذتَ جديداً، وتعطي خَلقاً؟!

فقال عمرو: ما لي ولک يابن عبّاس! ما اُرسل کلمة إلّا أرسلتَ نقيضها.[1] .

2360- تاريخ اليعقوبي: لمّا حضرت عمراً الوفاة قال لابنه: لودّ أبوک أنّه کان مات في غزاة ذات السلاسل؛ إنّي قد دخلت في اُمور لا أدري ما حجّتي عند اللَّه فيها.

ثمّ نظر إلي ماله فرأي کثرته، فقال: يا ليته کان بعراً، يا ليتني متّ قبل هذا اليوم بثلاثين سنة، أصلحت لمعاوية دنياه، وأفسدت ديني، آثرت دنياي وترکت آخرتي، عُمّي عليَّ رشدي حتي حضرني أجلي، کأنّي بمعاوية قد حوي مالي، وأساء فيکم خلافتي.

وتوفّي عمرو ليلة الفطر سنة 43، فأقرّ معاوية ابنه عبداللَّه بن عمرو.[2] .



صفحه 234.





  1. الاستيعاب: 1953:269:3 وراجع اُسد الغابة: 3971:234:4 وشرح نهج البلاغة: 323:6.
  2. تاريخ اليعقوبي: 222:2.