كلام الإمام الحسن في مثالبه











کلام الإمام الحسن في مثالبه



2350- شرح نهج البلاغة- في ذکر مفاخرة بين الحسن بن عليّ عليهماالسلام ورجالات من قريش، قال الإمام الحسن عليه السلام-: أمّا أنت يابن العاص؛ فإنّ أمرک مشترَک، وضعتک اُمّک مجهولاً؛ من عُهر وسفاح، فيک أربعة من قريش، فغلب عليک جزّارها، ألأمُهُم حسباً، وأخبثُهم منصباً، ثمّ قام أبوک فقال: أنا شانئ محمّد الأبتر، فأنزل اللَّه فيه ما أنزل. وقاتلتَ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في جميع المشاهد، وهجوته وآذيته بمکّة، وکدته کيدک کلّه، وکنت من أشدّ الناس له تکذيباً وعداوة.

ثمّ خرجتَ تريد النجاشي مع أصحاب السفينة لتأتي بجعفر وأصحابه إلي أهل مکّة، فلمّا أخطأک ما رجوت ورجعک اللَّه خائباً وأکذبک واشياً، جعلت

[صفحه 318]

حدّک علي صاحبک عُمارة بن الوليد، فوشيت به إلي النجاشيّ حسداً لما ارتکب مع حليلتک، ففضحک اللَّه وفضح صاحبک. فأنت عدوّ بني هاشم في الجاهليّة والإسلام.

ثمّ إنّک تعلم وکلّ هؤلاء الرهط يعلمون أنّک هجوت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بسبعين بيتاً من الشعر، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «اللهمّ إنّي لا أقول الشعر، ولا ينبغي لي، اللهمّ العنه بکلّ حرف ألف لعنة» فعليک إذاً من اللَّه ما لا يُحصي من اللعن.

وأمّا ما ذکرت من أمر عثمان، فأنت سعّرت عليه الدنيا ناراً، ثمّ لحقت بفلسطين، فلمّا أتاک قتله قلت: أنا أبو عبداللَّه إذا نکأت[1] قرحة أدميتها. ثمّ حبست نفسک إلي معاوية، وبعت دينک بدنياه؛ فلسنا نلومک علي بغض، ولا نعاتبک علي ودّ، وباللَّه ما نصرت عثمان حيّاً، ولا غضبت له مقتولاً. ويحک يابن العاص! أ لست القائل في بني هاشم لمّا خرجت من مکّة إلي النجاشيّ:


تقول ابنتي أين هذا الرحيلْ
وما السير منّي بمستنکرِ


فقلت: ذريني فإنّي امرؤٌ
اُريد النجاشيَ في جعفرِ


لأکويَه عنده کيّةً
اُقيم بها نخوة الأصعرِ


وشانئُ أحمد من بينهم
وأقوَلهم فيه بالمنکرِ


وأجري إلي عتبة جاهداً
ولو کان کالذهب الأحمرِ


ولا أنثني عن بني هاشمٍ
وما اسطعت في الغيب والمحضرِ


فإن قَبِلَ العتب منّي لهُ
وإلّا لويتُ له مشفري[2] .

[صفحه 319]

فهذا جوابک هل سمعته.[3] .

2351- الاحتجاج عن الشعبي وأبي مخنف ويزيد بن أبي حبيب المصري- في بيان احتجاج الحسن بن عليّ عليهماالسلام علي جماعة من المنکرين لفضله وفضل أبيه من قبل بحضرة معاوية، قال الحسن عليه السلام-: أمّا أنت يا عمرو بن العاص، الشانئ اللعين الأبتر، فإنّما أنت کلب، أوّل أمرک أنّ اُمّک بغيّة، وأنّک وُلدت علي فراش مشترک، فتحاکمت فيک رجال قريش، منهم: أبو سفيان بن الحرب، والوليد بن المغيرة، وعثمان بن الحرث، والنضر بن الحرث بن کلدة، والعاص بن وائل، کلّهم يزعم أنّک ابنه؛ فغلبهم عليک من بين قريش ألأمهم حسباً، وأخبثهم منصباً، وأعظمهم بغية.

ثمّ قمتَ خطيباً، وقلتَ: أنا شانئ محمّد، وقال العاص بن وائل: إنّ محمّداً رجل أبتر لا ولد له، فلو قد مات انقطع ذکره، فأنزل اللَّه تبارک وتعالي: «إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الْأَبْتَرُ».[4] .

وکانت اُمّک تمشي إلي عبد قيس تطلب البغية؛ تأتيهم في دورهم، وفي رحالهم، وبطون أوديتهم.

ثمّ کنت في کلّ مشهد يشهده رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من عدوّه أشدّهم له عداوة، وأشدّهم له تکذيباً. ثمّ کنت في أصحاب السفينة الذين أتوا النجاشي والمهجر الخارج إلي الحبشة في الإشاطة بدم جعفر بن أبي طالب وساير المهاجرين إلي النجاشي، فحاق المکر السيّئ بک، وجعل جدّک الأسفل، وأبطل اُمنيتک، وخيّب

[صفحه 320]

سعيک، وأکذب اُحدوثتک، وجعل کلمة الذين کفروا السفلي، وکلمة اللَّه هي العليا.[5] .



صفحه 318، 319، 320.





  1. يقال: نکأتُ القَرحة أنکؤها: إذا قشرتها (النهاية: 117:5).
  2. المِشْفَر للبعير کالشفة للإنسان (لسان العرب: 419:4).
  3. شرح نهج البلاغة: 291:6 وراجع تذکرة الخواصّ: 201 وجواهر المطالب: 219:2.
  4. الکوثر: 3.
  5. الاحتجاج: 150:35:2، بحارالأنوار: 1:80:44.