كتاب الإمام الحسين إليه











کتاب الإمام الحسين إليه[1]



.

2341- الإمام الحسين عليه السلام- في کتابه إلي معاوية-: أمّا بعد: فقد جاءني کتابک تذکر فيه أنّه انتهت إليک عنّي اُمور لم تکن تظنّني بها رغبة بي عنها، وإنّ الحسنات لا يهدي لها، ولا يسدّد إليها إلّا اللَّه تعالي.

[صفحه 303]

وأمّا ما ذکرت أنّه رُقي إليک عنّي، فإنّما رقّاه الملّاقون المشّاؤون بالنميمة، المفرّقون بين الجمع، وکذب الغاوون المارقون، ما أردت حرباً ولا خلافاً، وإنّي لأخشي اللَّه في ترک ذلک منک ومن حزبک القاسطين المُحِلّين، حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم.

أ لست قاتل حِجْر وأصحابه العابدين المخبتين الذين کانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنکر؟ فقتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهود المؤکّدة، جرأةً علي اللَّه، واستخفافاً بعهده؟ أوَلست بقاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقتْ وأبلتْ وجهه العبادة؟ فقتلته من بعدما أعطيته من العهود ما لو فهمته العُصْم[2] نزلت من شُعَف[3] الجبال.

أوَلست المدّعي زياداً في الإسلام، فزعمت أنّه ابن أبي سفيان، وقد قضي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أنّ الولد للفراش وللعاهر الحَجَر؟ ثمّ سلّطته علي أهل الإسلام يقتلهم ويُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم علي جذوع النخل. سبحان اللَّه يا معاوية! لکأنّک لست من هذه الاُمّة، وليسوا منک.

أوَلستَ قاتل الحضرمي الذي کتب إليک فيه زياد أنّه علي دين عليّ کرم اللَّه وجهه، ودين عليّ هو دين ابن عمّه صلي الله عليه و آله الذي أجلسک مجلسک الذي أنت فيه، ولولا ذلک کان أفضل شرفک وشرف آبائک تجشّمُ الرحلتين: رحلة الشتاء والصيف، فوضعها اللَّه عنکم بنا منّة عليکم.

وقلت فيما قلت: لا تُرْدِ هذه الاُمّة في فتنة. وإنّي لا أعلم لها فتنة أعظم من

[صفحه 304]

إمارتک عليها.

وقلت فيما قلت: انظر لنفسک ولدينک ولاُمّة محمّد. وإنّي واللَّه ما أعرف أفضل من جهادک؛ فإن أفعل فإنّه قربة إلي ربّي، وإن لم أ فعله فأستغفر اللَّه لديني، وأسأله التوفيق لما يحبّ ويرضي.

وقلتَ فيما قلتَ: متي تکدْني أکدْک. فکدْني يا معاوية ما بدا لک، فلعمري لقديماً يُکاد الصالحون، وإنّي لأرجو أن لا تضرّ إلّا نفسک، ولا تمحق إلّا عملک، فکدني ما بدا لک.

واتّقِ اللَّه يا معاوية! واعلم أنّ للَّه کتاباً لا يغادر صغيرة ولا کبيرة إلّا أحصاها، واعلم أنّ اللَّه ليس بناسٍ لک قتلک بالظنّة، وأخذک بالتُّهَمة، وإمارتک صبيّاً يشرب الشراب، ويلعب بالکلاب، ما أراک إلّا قد أوبقت نفسک، وأهلکت دينک، وأضعت الرعيّة. والسلام.[4] .



صفحه 303، 304.





  1. کتب معاوية إلي الإمام الحسين عليه السلام: أما بعد، فقد انتهت اليّ منک اُمور، لم أکن اظنّک بها رغبة عنها، وإنّ احقّ الناس بالوفا لمن اعطي بيعة من کان مثلک، في خطرک وشرفک ومنزلتک التي انزلک اللَّه بها، فلا تنازع إلي قطيعتک، واتق اللَّه ولا تردّن هذه الاُمّة في فتنة وانظر لنفسک ودينک واُمّة محمّد، ولا يستخفنّک الذين لا يوقنون (الإمامة والسياسة: 201:1).
  2. العُصْم: الوعول (لسان العرب: 406:12).
  3. جمع شَعَفة؛ وهي مِن کلّ شي ء أعلاه (النهاية: 481:2).
  4. الإمامة والسياسة: 202:1؛ رجال الکشّي: 99:252:1، الاحتجاج: 164:89:2 کلاهما نحوه بحارالأنوار: 9:212:44.