بذل الإمام سهمه من الغنيمة











بذل الإمام سهمه من الغنيمة



2292- مروج الذهب: قبض [عليّ عليه السلام] ما کان في معسکرهم من سلاح ودابّة ومتاع وآلة وغير ذلک، فباعه وقسّمه بين أصحابه، وأخذ لنفسه- کما أخذ لکلّ واحد ممّن معه من أصحابه وأهله وولده- خمسمائة درهم.

فأتاه رجل من أصحابه فقال: يا أميرالمؤمنين! إنّي لم آخذ شيئاً، وخلّفني عن الحضور کذا- وأدلي بعذر- فأعطاه الخمسمائة التي کانت له.[1] .

2293- الجمل: ثمّ نزل عليه السلام [أي بعد خطبته في أهل البصرة] واستدعي جماعة من أصحابه، فمشوا معه حتي دخل بيت المال، وأرسل إلي القرّاء، فدعاهم ودعا الخزّان وأمرهم بفتح الأبواب التي داخلها المال، فلمّا رأي کثرة المال قال: «هذا جِناي وخياره فيه».[2] ثمّ قسّم المال بين أصحابه فأصاب کلّ رجل منهم ستّة آلاف ألف درهم، وکان أصحابه اثني عشر ألفاً، وأخذ هو عليه السلام کأحدهم، فبينا هم

[صفحه 268]

علي تلک الحالة، إذ أتاه آتٍ فقال: يا أميرالمؤمنين! إنّ اسمي سقط من کتابک، وقد رأيت من البلاء ما رأيت. فدفع سهمه إلي ذلک الرجل.

وروي الثوري عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الاسود قال: لقد رأيت بالبصرة عجباً! لمّا قدم طلحة والزبير قد أرسلا إلي اُناس من أهل البصرة وأنا فيهم، فدخلنا بيت المال معهما، فلمّا رأيا ما فيه من الأموال قالا: هذا ما وعدنا اللَّه ورسوله. ثمّ تلَيا هذه الآية: «وَعَدَکُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ کَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَکُمْ هَذِهِ ي» إلي آخر الآية وقالا: نحن أحقّ بهذا المال من کلّ أحد.

فلمّا کان من أمر القوم ما کان دعانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام فدخلنا معه بيت المال، فلمّا رأي ما فيه ضرَبَ إحدي يديه علي الاُخري وقال: يا صفراء يا بيضاء، غرّي غيري! وقسّمه بين أصحابه بالسويّة حتي لم يبق إلّا خمسمائة درهم عزلها لنفسه، فجاءه رجل فقال: إنّ اسمي سقط من کتابک. فقال عليه السلام: ردّوها عليه. ثمّ قال:

الحمد للَّه الذي لم يصل إليّ من هذا المال شي ء، ووفَّرَه علي المسلمين.[3] .



صفحه 268.





  1. مروج الذهب: 380:2 وراجع الأخبار الطوال: 211.
  2. قال ابن منظور: في الحديث: أنّ أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب کرّم اللَّه وجهه دخل بيت المال فقال: يا حمراء ويا بيضاء احمرّي وابيضّي، غرّي غيري. هذا جَناي وخِياره فيهْ إذ کلّ جانٍ يدُه إلي فيهْ قال أبو عبيد: يضرب هذا مثلاً للرجل يؤثر صاحبه بخيار ما عنده. وأراد عليّ رضوان اللَّه عليه بقول ذلک أنّه لم يتلطّخ بشي ء من في ء المسلمين بل وضعه مواضعه. والجَني: ما يُجْني من الشجر (لسان العرب: 155:14 وراجع مجمع الأمثال: 488:3).
  3. الجمل: 400 وراجع مروج الذهب: 380:2 وشرح نهج البلاغة: 249:1 و ج 322:9.