الاعتذار من الإمام

2271- الجمل عن هاشم بن مساحق القرشي: حدّثني أبي أنّه لمّا انهزم الناس يوم الجمل اجتمع معه طائفة من قريش فيهم مروان بن الحکم، فقال بعضهم لبعض: واللَّه لقد ظلمْنا هذا الرجل- يعنون أميرالمؤمنين عليه السلام- ونَکثنا بيعته من غير حَدَث، واللَّه لقد ظهر علينا، فما رأينا قطّ أکرم سيرةً منه، ولا أحسن عفواً بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؛ فقوموا حتي ندخل عليه ونعتذر إليه ممّا صنعناه.

قال: فصرنا إلي بابه، فاستأذنّاه فأذن لنا، فلمّا مثلنا بين يديه جعل متکلّمنا يتکلّم.

فقال عليه السلام: أنصتوا أکفِکم، إنّما أنا بشر مثلکم؛ فإن قلت حقّاً فصدّقوني، وإن قلت باطلاً فردّوا عليَّ.

أنشدکم اللَّه! أ تعلمون أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا قُبض کنت أنا أولي الناس به وبالناس من بعده؟ قلنا: اللهمّ نعم.

[صفحه 257]

قال: فعدلتم عنّي وبايعتم أبا بکر، فأمسکتُ ولم اُحبّ أن أشقّ عصا المسلمين، واُفرّق بين جماعتهم؛ ثمّ إنّ أبا بکر جعلها لعمر من بعده فکففت، ولم اُهِج الناس، وقد علمت أنّي کنت أولي الناس باللَّه وبرسوله وبمقامه، فصبرت حتي قُتل عمر، وجعلني سادس ستّة، فکففت ولم اُحبّ أن اُفرّق بين المسلمين، ثمّ بايعتم عثمان فطعنتم عليه فقتلتموه وأنا جالس في بيتي، فأتيتموني وبايعتموني کما بايعتم أبا بکر وعمر؛ فما بالکم وفيتم لهما ولم تفوا لي؟! وما الذي منعکم من نکث بيعتهما ودعاکم إلي نکث بيعتي؟

فقلنا له: کن يا أميرالمؤمنين کالعبد الصالح يوسف إذ قال: «لَا تَثْرِيبَ عَلَيْکُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَکُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّ حِمِينَ».[1] .

فقال عليه السلام: لا تثريب عليکم اليوم، وإنّ فيکم رجلاً لو بايعني بيده لنکث بأسته- يعني مروان بن الحکم-.[2] .

صفحه 257.

---

1. يوسف: 92.
2. الجمل: 416، الأمالي للطوسي: 1109:506، شرح الأخبار: 333:392:1 عن هشام بن مساحق وکلاهما نحوه، بحارالأنوار: 200:262:32.